مُنقبة أم مُنتقبة؟
مُنقبة أم مُنتقبة؟
ظهر مصطلح “الآخر” في عدد من الثقافات بعدة معانٍ لدى مُفكري الفلسفة، فقد اُستخدم في الدراسات النفسية والأنثروبولوجية والاجتماعية، فمثلًا يصف المُستشرقون أن الشرق “آخر” بالنسبة إلى الغرب، وأول من وظف لفظ “الآخر” في الكتابات النسوية هي سيمون دي بوافر، وقد تناولته بوصف المرأة “آخر” بالنسبة إلى الرجل، فالمرأة دائمًا في حالة خضوع للرجل، ولفظ “آخر” في هذا المقام داخل في دائرة الجنس (ذكر أو أنثى) وهو قائم على فكرة الصراع.
وقد تم توظيف هذا اللفظ مع المُنتقبة، ولفظ المُنقبة هو المُنتشر لأنه بذاته يدل على أنه مفعول به للغير، فهي غير فاعلة بنفسها، أو أنها لم تختر ذلك، وهذا ما يؤكده الطرح العلماني بقولهم إن المُنقبات مجرد موضوعات للغير، ومحميات جنسية للغير، وأن وعي المنقبة مستلبٌ منها تمامًا، فلا يُفهم النقاب أنه خيار شخصي حُر، ويرى الفيلسوف التونسي فتحي المسكيني أن المُنقبة وحش أو مارد، أو أنها تعتقد أنها مُقدسة فتتعالى على البشر تتشبه بالذات الإلهية في خفائها.
ونتساءل: ماذا أبقى هؤلاء من العنف المعنوي للمُنتقبة لم يُمارس ضدها؟ فقد حلل العلمانيون النقاب كظاهرة بعيدة عن دائرة الشريعة وقيمها، وهذا يجعل فهم النقاب ليس في محله الصحيح، فالمرأة التي ترتدي النقاب في بلاد تُعلي من شأن الحُريات يكون دافعها الأول إيمانيًّا، نابعًا عن قناعتها الشخصية، ثم ما الذي يجعل التعامل صعبًا مع المُنتقبة، وقد قال سقراط “تكلم حتى أراك”، وذلك لأن الكلام هو الحضور العقلي للإنسان، وأن ما ينطق هو الدال على تفكيره وشخصه، لذا نجد أنه وإن حملت المنتقبة أعلى الدرجات العلمية يقف العلمانيون أنه لا بدَّ لها من خلع النقاب ليُعترف بوجودها، وكأنه تغييب قسري، ومُصادرة حقها في الاختيار.
الفكرة من كتاب الحريم العلماني.. الليبرالي!
يمتلئ عالمنا بالأفكار التي تحاول تفسير الظواهر والأحداث، وكذلك الأفكار التي تكون نتيجة إجابة تساؤلات تردد على الفرد بين الحين والآخر، ومن تلك الأفكار والتساؤلات ما تخطه المرأة في حديثها عن ذاتها، وفي تحليلها وتأملها عما يدور من القضايا والأفكار التي تخص حياتها، لهذا جاءت كاتبتنا بتأمُّل وبحث طويل يُعبِر عن بعض التفسيرات لبعض التساؤلات، ومنها: هل المطروح فيما يخص قضايا المرأة في الوسط الفكري هو الأقرب للحقيقة؟ وهل هناك فجوة بين التنظير والتطبيق؟ وهل تُختصر النساء جميعًا في نموذج نسوي واحد؟ وغيرها من الأسئلة التي تكشف لنا حقيقة الأمر، لنضع كل شيء في مكانه الصحيح من غير تسفيه أو مُبالغة.
مؤلف كتاب الحريم العلماني.. الليبرالي!
ملاك بنت إبراهيم الجهني: كاتبة سعودية الجنسية، حاصلة على البكالوريوس في الشريعة الإسلامية، وعلى الماجستير في الثقافة الإسلامية، تعمل باحثة في مجال دراسات المرأة، وهي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
من مؤلفاتها: “قضايا المرأة في الخطاب النِّسوي المعاصر: الحجاب أنموذجًا”، و”الحريم العلماني.. الليبرالي! مقالات وقراءات فكرية”.