الفقه بريء
كثير من النسويات تردد مقولة “ذكورية الفقه” لتعبر بقولها ذلك عن حيازة المنظومة الفقهية ضد المرأة، مما يؤدي إلى فقد المرأة الثقة بالفقه، ثم بعد ذلك بالدين، ولكننا بحاجة إلى الوقوف على تلك المقولة للكشف عن حقيقتها.
لقد وقفت بعض النسويات على إحدى المسائل الفقهية في “كفن الزوجة” المذكورة في كتاب “الروض المربع شرح زاد المستقنع”، والذي لم يوجب فيه المؤلف الزوج على دفع قيمة كفن زوجته، فتم تناول المسألة على أنها حيازة ضد المرأة وطرح عارٍ من الأخلاق، ولكن من علمت المنهج الفقهي وطريقة تناوله للمسائل ما تكلمت بمثل هذه الدعاوى، فقد حصرت رأيًا فقهيًّا واحدًا وجعلته هو الدين أو هو رأي جمهور الفقهاء، فمن المعلوم أن “زاد المستقنع” متن فقهي للمذهب الحنبلي، وله شروح كثيرة ليس فقط الشرح المذكور، كما أن الفقه له خاصية مميزة وهو أن به “التطهير الذاتي”، فالأحكام الفقهية اجتهادات منطلقة من الدليل، وقد تتفاوت تلك الاجتهادات على حسب قوة أو ضعف الدليل أو قربها وبعدها منه، فالفقه بناء موضوعي لا يُقبل منه شيء إلا إن كان له حُجة تثبته.
كما أن الفقه ليس منفصلًا عن الأخلاق كما يدعي البعض، ولكن له مبحثه الخاص، فمثلًا العقيدة تتناول مواضيع مُحددة، الحديث له اتجاه مُحدد، فكذلك الفقه؛ فهو لا يبحث في الكُليات بل يهتم بالأحكام المُتعلقة بالحرام والحلال، ومن الأمثلة التي يظهر فيها موضوعية البناء الفقهي واجتهاد الفقهاء وجهدهم، ما ذكره ابن عثيمين -رحمه الله- في شرحه كتاب زاد المستقنع في باب الطهارة في جواز وضوء الرجل بفضل طهور المرأة وقوله هذا غير قول العلماء، وكان بلا شك معتمدًا على دليل، فأشار -رحمه الله- بقوله: “هذا من غرائب العلم”، ولم يتهم الفقهاء بالظلم والشطط، لعلمه بالمنهجية التي بُني عليها الرأي الفقهي.
الفكرة من كتاب الحريم العلماني.. الليبرالي!
يمتلئ عالمنا بالأفكار التي تحاول تفسير الظواهر والأحداث، وكذلك الأفكار التي تكون نتيجة إجابة تساؤلات تردد على الفرد بين الحين والآخر، ومن تلك الأفكار والتساؤلات ما تخطه المرأة في حديثها عن ذاتها، وفي تحليلها وتأملها عما يدور من القضايا والأفكار التي تخص حياتها، لهذا جاءت كاتبتنا بتأمُّل وبحث طويل يُعبِر عن بعض التفسيرات لبعض التساؤلات، ومنها: هل المطروح فيما يخص قضايا المرأة في الوسط الفكري هو الأقرب للحقيقة؟ وهل هناك فجوة بين التنظير والتطبيق؟ وهل تُختصر النساء جميعًا في نموذج نسوي واحد؟ وغيرها من الأسئلة التي تكشف لنا حقيقة الأمر، لنضع كل شيء في مكانه الصحيح من غير تسفيه أو مُبالغة.
مؤلف كتاب الحريم العلماني.. الليبرالي!
ملاك بنت إبراهيم الجهني: كاتبة سعودية الجنسية، حاصلة على البكالوريوس في الشريعة الإسلامية، وعلى الماجستير في الثقافة الإسلامية، تعمل باحثة في مجال دراسات المرأة، وهي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
من مؤلفاتها: “قضايا المرأة في الخطاب النِّسوي المعاصر: الحجاب أنموذجًا”، و”الحريم العلماني.. الليبرالي! مقالات وقراءات فكرية”.