المرأة في البئر ودورة الرجل
المرأة في البئر ودورة الرجل
يصف البعض مشاعر المرأة وعواطفها بأنها تنزل في “بئر عميقة مظلمة”، إذ تدخل المرأة في حالة سوداوية ويسيطر عليها التشاؤم والضعف وعدم الثقة بالنفس، وهي حالة تطرأ على المرأة فجأة ولا تفسير لها، والبعض يربط تلك الحالة التي تمر بها المرأة بالدورة الشهرية رغم عدم وجود دليل قوي على ذلك، ثم ما تلبث المرأة أن تنزل لتلامس قاع البئر حتى تبدأ رحلة صعود لتخرج من البئر فجأة كما دخلتها فجأة، لتعود كما كانت نبعًا من العطاء والحب والحنان تفيض به على زوجها.
في أثناء مرور المرأة بتلك الحالة السوداوية يعتقد الرجل نتيجة عدم معرفته بطبيعة المرأة أنه السبب، وبالتالي يحاول أن يخرجها من هذه البئر فورًا، رغم أن المرأة لا تحتاج من زوجها أن يخرجها من البئر، بل تحتاج أن تشعر أنه بجانبها يشعر بها ويستمع إليها ويحبها ويرعاها ويغدق عليها بعطفه وحنانه، وأنه ينتظرها بعد الخروج من تلك الحالة، وبناءً على ذلك فإن نزول المرأة إلى البئر ليس مشكلة تحتاج إلى حلٍّ من الرجل، بل هو شيء طبيعي تتعرض له المرأة، وبالتالي هي تحتاج إلى الرعاية والدعم والاهتمام والمحبة.
ويمر الرجل بدورة من المودة والمحبة تربطه بزوجته، تتكوَّن تلك الرحلة من ثلاث مراحل: (الاقتراب جدًّا، ثم الابتعاد، ثم الاقتراب مرة أخرى)، فالرجل يرغب في الابتعاد قليلًا، حتى في حال كانت العلاقة الزوجية صافية لا يعكرها شيء، ويرجع ذلك إلى أن الرجل في علاقته العاطفية مع زوجته يكون قد حمل مشاعرها ورغباتها تاركًا خلفه مشاعره ورغباته، وبالتالي يبتعد قليلًا لاستعادة تلك المشاعر والعواطف ليعود مقتربًا مرة أخرى ليفيض بها على زوجته.
خلال ابتعاد الرجل واستجماعه لذاته فإن المرأة تعتقد أن رغبة الرجل في الابتعاد عنها راجعة إلى تصرُّفاتها وسلوكها فتحاول أن تدنيه وتقربه منها دون فائدة، ومن هنا تنشأ المشكلات والخلافات بين الطرفين، فالمرأة ترى زوجها لا يرغب في الاقتراب منها ولا يشعر بها، كما أن الرجل عندما يعود ليقترب من زوجته مرة أخرى يجد زوجته تعاقبه عاطفيًّا وجسديًّا وعقليًّا، وبناءً على ذلك إذا فهم كلٌّ منهما طبيعة الآخر في تلك الظروف فسوف يتجنبان كثيرًا من المشكلات.
الفكرة من كتاب التفاهم في الحياة الزوجية
إن الزواج يمكن أن يخدم الرجال والنساء معًا في حال وجِد التفاهم بين الزوجين، ولكي يطرح الزواج ثماره وتُرى نتائجه فلا بد من الصبر والمثابرة والجهد، كما أنه نتيجة كون الزواج عضوًا حيًّا، فلا بد من رعايته وتغذيته وتنميته والعناية به وحمايته، فهذا الكتاب للذين يؤمنون بالزواج وعندهم الرغبة في تعلم أشياء جديدة تلطِّف من الحياة الزوجية وتزيد من الاستمتاع بها، فإذا وجد تفاهم بين الزوجين قائم على فهم كل طرف لطبيعة الطرف الآخر، فلا ريب أن كلًّا منهما سيجد في الزواج السعادة والطمأنينة والأمان وراحة البال التي لن يجدها في أي شيء آخر، فعندما ينعم الزوج وزوجته بالسعادة الزوجية، يستطيعان أن يواجها جميع أنواع مشكلات وصعوبات الحياة، وبالتالي فالمهمة التي تنتظر الزوجين في الزواج المعاصر هي تحقيق احترام الخصائص المميزة لكل منها، تلك الخصائص التي تحافظ على الاختلاف بين الزوجين مع تحقيق التكامل فيما بينهما.
مؤلف كتاب التفاهم في الحياة الزوجية
الدكتور مأمون مبَيّض: هو استشاري ومتخصص في الطب النفسي، تخرج في كلية الطب جامعة دمشق، تخصص في الطب النفسي في بريطانيا وأيرلندا، كما عمل هناك لمدة 30 عامًا مع وزارة الصحة البريطانية، وحاضر في جامعة “الملكة”، وقد أسهم في تأسيس مركز دعم الصحة السلوكية، وهو مدير إدارة الخدمات العلاجية والتأهيلية، له نحو 12 كتابًا عن الصحة النفسية وتربية الأبناء والعلاقة الزوجية، وغيرها. ومن كتبه: “الذكاء العاطفي والصحة العاطفية”، و”أولادنا من الطفولة إلى الشباب”، و”المرشد في الأمراض النفسية والاضطرابات”.