كهف الرجل ونكد المرأة
كهف الرجل ونكد المرأة
عندما يواجه الرجل مشكلة فإنه يرغب في الاسترخاء والراحة والجلوس منعزلًا وعدم التحدث مع الآخرين، كما يجعل جُل اهتمامه وانتباهه لحل هذه المشكلة، وبالتالي قد يشاهد مباراة لكرة القدم أو يتصفح الجرائد أو يفعل أي شيء ينسيه المشكلة التي لم يجد لها حلًّا بعد، بينما المرأة إذا واجهتها مشكلة فهي تبحث عن الراحة والاسترخاء بالحديث مع الآخرين، فهي تميل إلى الجلوس مع الآخرين والحديث عن مشاعرها المتعلقة بالمشكلة، فراحتها تكون بالحديث عما جرى معها خلال نهارها ويومها المرهق.
ومن هنا تنشأ الخلافات الزوجية الناتجة عن سوء فهم كلٍّ منهما طبيعة الآخر، فالمرأة تشخصن دخول زوجها إلى “كهفه الذهني” وعدم انتباهه لها وانسحابه وانعزاله عنها بأنه عدم اهتمام وعدم تقدير وعدم حب، وعندما تواجه المرأة زوجها بالمشاعر التي تشعر بها نتيجة دخوله إلى كهفه كأن تقول له: “أشعر أنك غير موجود معي هنا”، أو “أنتَ لا تسمعني”، وغير ذلك مما قد تقوله المرأة، فإن الرجل يتخذ موقف المدافع عن نفسه ويرد عليها بشكل يؤدي إلى مزيد من النزاع، فتنشأ الخلافات والمشكلات بينهما.
كما أن الرجل يفسر كثرة حديث زوجته وثرثرتها عن مشكلاتها وما واجهته طوال نهارها بأنها “نكدية” تخلق المشكلات وتبحث عن لومه وعتابه على ما تعانيه، وبالتالي يحاول الرجل أن يدافع عن نفسه أو يسارع إلى وضع الحلول لها على عكس رغبة زوجته، التي في الحقيقة تريد منه أن يسمعها ويتفهَّم مشاعرها فقط، ولا تريد لومه أو التنغيص عليه.
وبناءً على ذلك فإن تفهُّم المرأة لطبيعة الرجل وطريقة تكيفه مع المشكلات والصعوبات، سوف يساعدها على حسن تفسير سلوكه، وبالتالي ستدرك أن مشاعره وموقفه الناتج عن دخوله الكهف ليس له علاقة بموقفه منها أو عدم تقديره لمشاعرها، وعلى الجانب الآخر يجب أن يتفهَّم الرجل طبيعة المرأة في تعاملها مع مشكلاتها، وأنها تشعر بالراحة بالحديث عما يرهقها ويتعبها وتريد منه أن يسمعها ويتفهم مشاعرها، وليس الغرض من حديثها لومه على ما تعانيه أو تقريعه، وبالتالي يجب أن تترك المرأة زوجها حتى يخرج من كهفه، ويترك الرجل زوجته حتى تنتهي من حديثها.
الفكرة من كتاب التفاهم في الحياة الزوجية
إن الزواج يمكن أن يخدم الرجال والنساء معًا في حال وجِد التفاهم بين الزوجين، ولكي يطرح الزواج ثماره وتُرى نتائجه فلا بد من الصبر والمثابرة والجهد، كما أنه نتيجة كون الزواج عضوًا حيًّا، فلا بد من رعايته وتغذيته وتنميته والعناية به وحمايته، فهذا الكتاب للذين يؤمنون بالزواج وعندهم الرغبة في تعلم أشياء جديدة تلطِّف من الحياة الزوجية وتزيد من الاستمتاع بها، فإذا وجد تفاهم بين الزوجين قائم على فهم كل طرف لطبيعة الطرف الآخر، فلا ريب أن كلًّا منهما سيجد في الزواج السعادة والطمأنينة والأمان وراحة البال التي لن يجدها في أي شيء آخر، فعندما ينعم الزوج وزوجته بالسعادة الزوجية، يستطيعان أن يواجها جميع أنواع مشكلات وصعوبات الحياة، وبالتالي فالمهمة التي تنتظر الزوجين في الزواج المعاصر هي تحقيق احترام الخصائص المميزة لكل منها، تلك الخصائص التي تحافظ على الاختلاف بين الزوجين مع تحقيق التكامل فيما بينهما.
مؤلف كتاب التفاهم في الحياة الزوجية
الدكتور مأمون مبَيّض: هو استشاري ومتخصص في الطب النفسي، تخرج في كلية الطب جامعة دمشق، تخصص في الطب النفسي في بريطانيا وأيرلندا، كما عمل هناك لمدة 30 عامًا مع وزارة الصحة البريطانية، وحاضر في جامعة “الملكة”، وقد أسهم في تأسيس مركز دعم الصحة السلوكية، وهو مدير إدارة الخدمات العلاجية والتأهيلية، له نحو 12 كتابًا عن الصحة النفسية وتربية الأبناء والعلاقة الزوجية، وغيرها. ومن كتبه: “الذكاء العاطفي والصحة العاطفية”، و”أولادنا من الطفولة إلى الشباب”، و”المرشد في الأمراض النفسية والاضطرابات”.