أثر التسبيح والتوكل في النفس
أثر التسبيح والتوكل في النفس
حظي كبار السن ممن يتلون ذكر الله والمشاؤون في ظلمات الليل إلى المساجد على إعجاب الكاتب لاتسامهم بالرضا النفسي وسعة الصدر، ولكن ما علاقة الرضا النفسي بالتسبيح؟ في آية ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ وجدنا الإجابة هي التسبيح، فهو سبب لانشراح الصدر، وجلاء الهموم، ورضا الذات، وهو خير الأعمال عند الله، وسبب النجاة من النار، ومقرون بالتوكُّل على الله وأن نكون في معيته، ومن رحمة الله بنا أنه جعله سائر اليوم يُغفر به الذنب وتمحى به الخطايا.
والتسبيح لا يختص به البشر فقط؛ بل هو لغة كل المخلوقات من نبات وحيوان وجماد، ولكلٍّ منهم صلاته وتسبيحه اللذين لا نفقههما، فهو ذكر الملائكة، ومن فضل التسبيح أن الله استفتح سبع سور في كتابه المجيد به، وجعلها أحد أركان الصلاة ولغة أهل الجنة، كما أن الأنبياء (عليهم السلام) كانوا في أحلك الظروف يسبِّحون الله ليرفع عنهم البلاء كنبي الله يونس (عليه السلام) في بطن الحوت فغيَّر به قدره.
أما التوكُّل فهو انشغال القلب بالله والاعتماد عليه؛ فيه طمأنينة القلب وراحة البال وسكينة الروح وزيادة الإيمان، وله مرتبتان: الأولى هي توكُّل عام يكون قلب المرء متعلقًا بالله ويستمدُّ قوته من الإيمان به، والثانية هي توكُّل خاص في أمر معين.
والتوكُّل على الله مقياس إيمان قلوبنا والإسلام، فالله وكيلنا وحسبنا وكافل أمورنا يجب أن نشكره على هدايتنا، ولكن الإنسان على الرغم من ذلك لايتوكَّل على الله ويسلم نفسه إلى وسوسة الشيطان فيكيد له المكائد ويزيِّن في عينيه حب الشهوات ويستزلُّه للمعاصي ويصده عن سبيل الله.
الفكرة من كتاب رقائق القرآن
خلق الله (عز وجل) الإنسان لكي يعمر الأرض ويسكنها وسخَّر له ما في السماوات والأرض وما بينهما لحكمة لا يعلمها إلا هو، ولكن الإنسان منغمسٌ في ترف الحياة لا يحاول الانتفاع منها إلا بالقدر القليل، وزيَّن له الشيطان حب الشهوات، ووسوست له نفسه بارتكاب المعاصي وطول الأمل، وهو يغفل عن الموت لا يجهِّز لآخرته، ويسعى الكاتب في هذا الكتاب إلى شرح تأمُّلات لأحداث مرَّ بها واستشعرها بوصف قرآني، وتدور أحداثه حول الإنسان وعلاقته بربه وغفلته عن حقيقة الموت وأهوال يوم القيامة، وقسوة القلوب، ووصف المؤمنين والمنافقين، ومنزلة اليقين عند الله، وفضل التسبيح والتوكل.
مؤلف كتاب رقائق القرآن
إبراهيم بن عمر بن إبراهيم السكران، ولد في 5 ربيع الآخر 1396 هـ الموافق 4 أبريل 1976م، باحث ومُفكِّر إسلامي، مهتمٌّ بمنهج الفقه الإسلامي وبالمذاهب العقدية والفكرية، له العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات المنشورة، وله عدد من الكتب المطبوعة وظهر تحوُّله إلى الفكر السلفي عام 2007.
ومن مؤلفاته: “مسلكيات”، و”الطريق إلى القرآن”، و”الماجريات”، و”الأسهم المُختلطة”، و”مآلات الخطاب المدني”، و”التأويل الحداثي للتراث”.