قلوبٌ قاسية
قلوبٌ قاسية
قلوبنا متقلِّبة بين العبادة والفتور، فتارة نشعر بسكينة الروح والإيمان والإقبال على التوبة والنفور من المعصية، وتارة أخرى نشعر بلذَّتها وتبلُّد الإيمان وضيق الصدر والتهاون في الطاعات وقسوة القلب كما نص القرآن الكريم أنها كالحجارة أو أشد قسوة، ولكن ما سبب قسوة القلب؟ قد تكون عقوبة من الله على معصية وقع فيها العبد أو ذنب ارتكبه ولم يتُب، والسبب الأكبر هو البعد عن ذكر لله والانشغال بملذات الدنيا والنفور من العلم الشرعي والاقتداء بالفكر والعلم الغربيين والوقوع في جدال ومراء في الدين.
والله (عز وجل) جعل الابتلاءات والمصائب والشدائد وغيرها أسبابًا تدفع العبد إلى التقرُّب والتضرُّع له، وهي منزلة لا ينالها إلا من أتاه بقلبٍ سليم، ولكن القاسية قلوبهم لا يرتقون لهذه المنزلة من الله ويحرمون منها.
﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾، ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾، هكذا وصف القرآن المنافقين؛ يدَّعون الإيمان والإسلام في العلن، ويكفرون بالله ورسوله في الخفاء، مذبذبين بين الكفر والإيمان، والنفاق ليس كلمةً نؤمن بها أو قرارًا مخططًا له سابقًا، فالمنافق قد لا يعلم أنه منافق أصلًا؛ فالكثير منا اليوم يستهزئ بالدين أو بالرسول (صلى الله عليه وسلم) أو بالله (عز وجل) ويحسب أنها مجرد مزحة لا يدرك أن هناك قومًا سبقوهم بمثل فعلهم فأنزل الله فيهم آية اقتضى فيها كفرهم، ومنهم من عاهدوا الله بالصدقة، فلما آتاهم من فضله بخلوا بالمال.
الفكرة من كتاب رقائق القرآن
خلق الله (عز وجل) الإنسان لكي يعمر الأرض ويسكنها وسخَّر له ما في السماوات والأرض وما بينهما لحكمة لا يعلمها إلا هو، ولكن الإنسان منغمسٌ في ترف الحياة لا يحاول الانتفاع منها إلا بالقدر القليل، وزيَّن له الشيطان حب الشهوات، ووسوست له نفسه بارتكاب المعاصي وطول الأمل، وهو يغفل عن الموت لا يجهِّز لآخرته، ويسعى الكاتب في هذا الكتاب إلى شرح تأمُّلات لأحداث مرَّ بها واستشعرها بوصف قرآني، وتدور أحداثه حول الإنسان وعلاقته بربه وغفلته عن حقيقة الموت وأهوال يوم القيامة، وقسوة القلوب، ووصف المؤمنين والمنافقين، ومنزلة اليقين عند الله، وفضل التسبيح والتوكل.
مؤلف كتاب رقائق القرآن
إبراهيم بن عمر بن إبراهيم السكران، ولد في 5 ربيع الآخر 1396 هـ الموافق 4 أبريل 1976م، باحث ومُفكِّر إسلامي، مهتمٌّ بمنهج الفقه الإسلامي وبالمذاهب العقدية والفكرية، له العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات المنشورة، وله عدد من الكتب المطبوعة وظهر تحوُّله إلى الفكر السلفي عام 2007.
ومن مؤلفاته: “مسلكيات”، و”الطريق إلى القرآن”، و”الماجريات”، و”الأسهم المُختلطة”، و”مآلات الخطاب المدني”، و”التأويل الحداثي للتراث”.