امتزاج الفلسفة والتاريخ بالأدب
امتزاج الفلسفة والتاريخ بالأدب
التقت الفلسفة بالأدب في ساحات العلم والحقائق على يد كثير من الفلاسفة الأدباء في نفس الوقت، كما التقوا أيضًا مع ظهور نظريات فلسفية في الدين تحرَّج المسلمون الأوائل من الخوض فيها، ولكن نتيجة للاحتكاك الثقافي انتفض لتلك المسائل جماعة من الناس عُرِفوا بالمتكلمين جمعت طائفة منهم بين النبوغ في مسائل الدين والبلاغة والأدب، ومن أولئك المتكلمين: “بِشْر بن المعتمر”، و”الجاحظ”، و”ثُمامة بن الأشرس”، ويظهر الفرق بين الفلاسفة والمتكلمين جليًّا في أن غرض المتكلمين كان الدفاع عن الإسلام بعد الاعتقاد بصحته بالبرهنة العقلية والمنطقية، أما الفلاسفة فبحثوا عن المسائل كما يؤدي إليه البحث لا دفاعًا عن الدين.
ولقد أثرت الفلسفة في الأدب العربي والغربي كثيرًا، وأغدقت عليه من عطائها فأمدَّته بكثير من المعلومات عن العالم وقضاياه، واستفاد الأدب من الفلسفة والمنطق في موضوعاته وضبط أفكاره وتسلسله، كما تجد الأدب قد استفاد من علم النفس -والذي كان فرعًا من فروع الفلسفة- العناية بالتحليل النفسي للشخصيات وانفعالاتهم ونحو ذلك، ويرى المؤلفون مصداق ذلك كله في الأدب العربي، فـالجاحظ عالج في الأدب موضوعات لم تُعالج من قبل كالاحتجاج على صدق النبوة، وإعجاز القرآن، بل إن بعض الروايات ما أُلفت إلا لغرض فلسفي كقصة “حي بن يَقْظان” لابن طُفَيل.
أما التاريخ فهو فنُّ من أقدم فنون النثر الأدبي، ووجبة ثقافية لا غنى عنها للأديب يستخرج منها العِبر ويستلهم أعماله من الخبر حيث كان التاريخ مادة للقصص التاريخية في كثير من أعمال شكسبير وأحمد شوقي، وقد يكون العمل التاريخي في ذاته قطعة أدبية فاخرة، كما توافر في بعضٍ من تاريخ الطبري، وتاريخ العُتْبي.
الفكرة من كتاب التوجيه الأدبي
من اليسير علينا أن نقرأ عملًا أدبيًّا خالصًا، ولكن الأعمال الأدبية لا تقدِّم لنا تعريفًا لما هو الأدب، ولا تُعرِّفنا بتاريخه وعوامل نشأته ومراحل تطوُّره، فما الأدب؟ وما موضوعاته؟ وما علاقته بالعلوم الأخرى كالفلسفة والتاريخ؟ وبمَ يتأثَّر الأدب وفيمَ يؤثِّر؟ وكيف اتصلت الآداب بعضها ببعض؟ يُعد “التوجيه الأدبي” مدخلًا للإجابة على كل هذه التساؤلات ووجبة معرفية في الأدب والدراسات الأدبية، ومادة ثرية للمثقف العربي وطالب الأدب على حدٍّ سواء.
مؤلف كتاب التوجيه الأدبي
طه حسين: أديب ومفكر وناقد مصري، وُلد في نوفمبر ١٨٨٩م وحصل على درجة الدكتوراه عام ١٩١٤م، ومن آثاره: “الأيام”، و”مرآة الإسلام”، و”حديث الأربعاء”، و”قادة الفكر”، و”دعاء الكروان”.
أحمد أمين: أديب مفكر ومؤرخ، وُلد بالقاهرة 1886م، وعمِل عميدًا لكلية الآداب بجامعة القاهرة، ومن أشهر مؤلفاته: “فجر الإسلام”، و”فيض الخاطر”، وترجم كتاب “مبادئ الفلسفة” لرابوبرت.
عبد الوهاب عزام: أديب ودبلوماسي مفكِّر، جمع بين ثقافته الإسلامية والعربية ومعرفته باللغات الفارسية والتركية والأُردية، ودافع عن العربية وتراثها، وكان ميلاده سنة ١٨٩٤م لأسرة مناضلة ضد الاحتلال الإنجليزي، وحصل على شهادة الليسانس في الآداب والفلسفة عام ١٩٢٣م وتولَّى عمادة كلية الآداب، ومن مؤلفاته: “الشوارد”.
محمد عوض محمد: عالم جغرافي وأديب، نال جائزة الدولة للعلوم الاجتماعية عام ١٩٥٢م، وعمل مديرًا لجامعة الإسكندرية، ومن كتبه: “بين الشرق والغرب”، و”فن المقالة الأدبية”، وترجم بعض أعمال شكسبير.