أبو الأدب!
أبو الأدب!
نعرف أن الأدب ينقسم إلى شعر ونثر، ولكن هل رافق ظهور واحد منهما الآخر أو تلازما جنبًا إلى جنب في تاريخ الإنسانية؟ في الواقع يتطلَّب النثر معرفة الكتابة، ومعلوم أن الكتابة اختراع متأخِّر في تاريخ الأمم، ولهذا السبب، وإلى جانب صعوبة الاعتماد على رواية المنثور شفويًّا ازدادت فرص ترعرع الشعر قديمًا، ويستنبط المؤلفون من ذلك أن تاريخ البشرية كله يشهد أن الشعر سابق لسائر الفنون الأدبية عند كل الأمم، وأنه أقدم الآثار الأدبية التي خلفها الإنسان.
ولا يخرج الشعر في أي عصر عن ثلاثة موضوعات: الإله، والطبيعة، والإنسان نفسه، ولما وجد الإنسان ما استفزَّه إلى النطق بكلام خاص غير كلامه المألوف، نطق الشعر! ثم تحوَّل عن مجرد قول الشعر إلى مشاركة هذا اللون من الكلام للآخرين فتأثَّروا به، ووجدوا فيه لذة وطربًا ورفعة عن الكلام المعتاد، فتناقلوه وتداولوه، ويرى المؤلفون أنه على الرغم من ذلك فلم ينشأ الشعر مستوفيًا لكل شروطه بل اكتسب صفاته مرةً تلو الأخرى، كما رجَّحوا ترافق ولادة الشعر والغناء معًا إلى أن تقدَّما وصار كلٌّ منهما فنًّا بمفرده.
إن الجوهر الذي يميِّز الشعر في كل اللغات والعصور هو التأثير الشديد في النفس، فوجهته القلب لا الرأس، فلا يصحُّ إذن أن يُسمَّى الكلام شعرًا إلا إذا استوفى ثلاثة أركان: أن تُولد معانيه من رحم الخيال، وأن يتجانس لفظه مع معناه، وأن يتحقَّق فيه الانسجام أو ما يُعرف عربيًّا بالوزن، ويؤكد الكتَّاب أن الوزن ليس الشرط الوحيد لاعتبار الكلام شعرًا، فالأوزان العربية تختلف عن الأدب الإفرنجي، وهي في العربية أكثر عددًا.
الفكرة من كتاب التوجيه الأدبي
من اليسير علينا أن نقرأ عملًا أدبيًّا خالصًا، ولكن الأعمال الأدبية لا تقدِّم لنا تعريفًا لما هو الأدب، ولا تُعرِّفنا بتاريخه وعوامل نشأته ومراحل تطوُّره، فما الأدب؟ وما موضوعاته؟ وما علاقته بالعلوم الأخرى كالفلسفة والتاريخ؟ وبمَ يتأثَّر الأدب وفيمَ يؤثِّر؟ وكيف اتصلت الآداب بعضها ببعض؟ يُعد “التوجيه الأدبي” مدخلًا للإجابة على كل هذه التساؤلات ووجبة معرفية في الأدب والدراسات الأدبية، ومادة ثرية للمثقف العربي وطالب الأدب على حدٍّ سواء.
مؤلف كتاب التوجيه الأدبي
طه حسين: أديب ومفكر وناقد مصري، وُلد في نوفمبر ١٨٨٩م وحصل على درجة الدكتوراه عام ١٩١٤م، ومن آثاره: “الأيام”، و”مرآة الإسلام”، و”حديث الأربعاء”، و”قادة الفكر”، و”دعاء الكروان”.
أحمد أمين: أديب مفكر ومؤرخ، وُلد بالقاهرة 1886م، وعمِل عميدًا لكلية الآداب بجامعة القاهرة، ومن أشهر مؤلفاته: “فجر الإسلام”، و”فيض الخاطر”، وترجم كتاب “مبادئ الفلسفة” لرابوبرت.
عبد الوهاب عزام: أديب ودبلوماسي مفكِّر، جمع بين ثقافته الإسلامية والعربية ومعرفته باللغات الفارسية والتركية والأُردية، ودافع عن العربية وتراثها، وكان ميلاده سنة ١٨٩٤م لأسرة مناضلة ضد الاحتلال الإنجليزي، وحصل على شهادة الليسانس في الآداب والفلسفة عام ١٩٢٣م وتولَّى عمادة كلية الآداب، ومن مؤلفاته: “الشوارد”.
محمد عوض محمد: عالم جغرافي وأديب، نال جائزة الدولة للعلوم الاجتماعية عام ١٩٥٢م، وعمل مديرًا لجامعة الإسكندرية، ومن كتبه: “بين الشرق والغرب”، و”فن المقالة الأدبية”، وترجم بعض أعمال شكسبير.