عالم الشرع بين الواقع والتمثيل
عالم الشرع بين الواقع والتمثيل
العلماء هم ورثة الأنبياء وهم خير الناس، وعلماء الأمة من السلف الصالح ما رأينا منهم إلا علمًا واقعيًّا ومعرفيًّا وعملًا صالحًا ودعوة إلى الله صادقة في هذه الأمة، وكلما طال الزمن وقل العلماء العاملون وهنت الأمة وازداد الجهل، لذا تحتاج هذه الأمة من حين لآخر إلى مجددين ومحفزين للعودة إلى خُطى وعلم السلف الصالح لنتبعه ونتعلمه ونُعلمه، فالعلماء لهم منزلة عظيمة عند الله عز وجل، فقد قال الله تعالى عنهم: ﴿إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾.
وقد اختلفت صورة العلماء في العصور الحالية عن العصور السابقة، كما كان عند السلف الصالح، فالاختلاف بينهم في ثلاثة فروق؛ أولها: الاستمرار في تحصيل العلم فقد طبقوا آية الله: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾، واتخذوا من العلم عبادة حتى كانت غايتهم تحصيل العلم والمعرفة والعمل به والدعوة إلى الله، حتى كان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول: “تفقهوا قبل أن تُسَوَّدوا”، فهو يعلم أن الإنسان يكون رئيسًا إما لدين وإما لدنيا.
وثانيها: التأثر بالعلم والعمل به فأجل ما يُورثه العلم للإنسان هو الخشية من الله تعالى ومعرفته وعبادته، فمن لم يتحقق علمه بالخشية من الله والتقوى والعمل غير ذلك ما هو إلا إنسان مرض بالعلم ولم يتعلم وفصل علمه عن عمله، أما الفرق الثالث فهو القوة في الحق يقول الله عز وجل في كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، و”أولو الأمر” تعني العلماء والحكام، فكان علماء السلف قوامين للمجتمع آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر يخافهم الحكماء ولهم مكانة وتأثير عظيم، أما الآن مع كثرتهم فتجنبوا قول الحق ومجابهة الظلم والمنكر.
وقد تميز علماء السلف عن غيرهم بميزات عظيمة في تحصيلهم للعلم، منها: الإخلاص، وقوة الهمة، والتفرغ لطلب العلم، ووجود القدوة الصالحة، لذا ارتقوا بعلمهم وصدق عملهم.
الفكرة من كتاب مع العلم
يقول عمر بن الخطَّاب (رضي الله عنه): “تعلَّموا العلم، وعلِّموه النَّاس، وتعلَّموا له الوَقَار والسَّكينة، وتواضعوا لمن يعلِّمكم عند العلم، وتواضعوا لمن تعلِّموه العلم، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم”.
لقد كان العلم عند السلف ليس معرفة شرعية مجردة فقط بل كان معرفة عقلية وتحليلية بفكر شامل، فتفقهوا في علم الدين وجوانبه وانغمسوا في العلوم الحياتية كذلك، وحاليًّا في ظل الصحوة العلمية المعرفية وانتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الإلكترونية المتنوعة التي يسرت على الجميع أخذ علوم كثيرة ومتعددة، لم يعد هناك مشقة في طلب العلم، فلا تنتقل من بلد إلى آخر حتى تتعلم حرفًا بل يُسر الأمر، حتى إن الطالب يتعلم علم طالب آخر في قارة أخرى، ويُسر التعليم في حياتنا حتى أصبح حُجة علينا ليُسر الوصول إليه.
ومن خلال هذا الكتاب يطالعنا الدكتور سلمان العُودة على أهمية تعلُّم العلم وطرقه، وأبرز الآفات التي تعترض طالب العلم وكيفية علاجها، وكيف نطبق ما تعلمناه على أرض الواقع.
مؤلف كتاب مع العلم
د. سلمان بن فهد العودة: كاتب ومُفكر سعودي وداعية إسلامي وأستاذ جامعي ومُقدم برامج تليفزيونية وهو من مشايخ الصحوة، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في السُّنة.
وله مؤلفات عديدة منها: “بناتي”، و”أنا وأخواتها”، و”مجالس رمضانية”، و”مع الأئمة”، و”مع المصطفى”، و”مع الله”، و”زنزانة”، و”مع الصيام”، و”لو كنت طيرًا”، و”الصحوة في نظر الغربيين”.