طرق تعلُّم العلم الشرعي
طرق تعلُّم العلم الشرعي
انقسمت طرق تعلم العلم الشرعي إلى طريقتين: الأولى أن يتفقه الشاب على مذهب من مذاهب أهل السنة والجماعة مثل الحنبلي أو المالكي وغيرها، فمثلًا في البداية يدرس الطالب مذهب الإمام أحمد رحمه الله، والأحكام التشريعية، والقواعد الفقهية، والآراء الأخرى ثم يُنقح هذه الآراء بالأدلة حتى يصل إلى القول الراجح، ومن أمثلة الكتب التي يمكن دراستها كتاب “منار السبيل”، ولهذه الطريقة إيجابيات وسلبيات؛ أما الإيجابيات فهي تبني للطالب خلفية قوية في المسائل الفقهية وتجعله مُطلعًا على أقوال المذاهب كلها، لكنها تعتمد قولًا واحدًا في الغالب، أما السلبيات فإنها تسبب للطالب توقفًا عند ما درسه، وإذا قابلته مسألة ركن إلى الآراء دون البحث والتنقيح عن الأصح.
والطريقة الثانية هو أن يدرس الطالب الفقه المقارن بعدما يكون أنهى دراسة المسائل على مذهب معين، وبعد البحث والتنقيح يصل باجتهاده إلى قول راجح معين مع الأدلة لكل قول، ومن أمثلة الكتب في هذه الطريقة “الدرر البهية” و”نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار”، وهذه الطريقة تصل في النهاية إلى عدة أقوال راجحة، ولا تعتمد مذهبًا واحدًا معينًا، ولهذه الطريقة إيجابيات وسلبيات؛ فالإيجابيات أنها تدرب الطالب على النظر بين الأقوال كلها والترجيح بينها بصدق، وتدربه على المرونة وسعة الأفق والاستقلالية وعدم التعصب لمذهب ما، أيضًا توفر له الوقت، أما السلبيات فإن الطالب في بداية تفقهه يكون غير مؤهل لعدم امتلاكه أصولًا علمية، مما قد يؤدي بالبعض إلى التجرؤ في الحديث عن الأحكام الشرعية والحلال والحرام.
وإذا انتقلنا إلى طالب العلم فإنه ينقسم إلى نوعين؛ الأول: من يتفقه على مذهب معين ويلغي بقية المذاهب وينبذها، والثاني: من ينبذ من درس المذاهب ويرى أن من تفقه على مذهب معين ما هو إلا مقلد ولم يدرس علمًا شرعيًّا كاملًا ما لم يدرس كل الأقوال، ويرى الكاتب أن التوسط خيرٌ، سواء دراسة مذهب معين أو دراسة المقارنة بين الأقوال بل فيه سِعة على المسلم بأن الحق ليس محصورًا على قول واحد، وشأن العوام أن يقلدوا الأئمة لما اجتهدوا فيه، وإذا جمع الطالب بين النوعين كان طالبَ علمٍ متزنًا ومعتدلًا إلى الحق.
الفكرة من كتاب مع العلم
يقول عمر بن الخطَّاب (رضي الله عنه): “تعلَّموا العلم، وعلِّموه النَّاس، وتعلَّموا له الوَقَار والسَّكينة، وتواضعوا لمن يعلِّمكم عند العلم، وتواضعوا لمن تعلِّموه العلم، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم”.
لقد كان العلم عند السلف ليس معرفة شرعية مجردة فقط بل كان معرفة عقلية وتحليلية بفكر شامل، فتفقهوا في علم الدين وجوانبه وانغمسوا في العلوم الحياتية كذلك، وحاليًّا في ظل الصحوة العلمية المعرفية وانتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الإلكترونية المتنوعة التي يسرت على الجميع أخذ علوم كثيرة ومتعددة، لم يعد هناك مشقة في طلب العلم، فلا تنتقل من بلد إلى آخر حتى تتعلم حرفًا بل يُسر الأمر، حتى إن الطالب يتعلم علم طالب آخر في قارة أخرى، ويُسر التعليم في حياتنا حتى أصبح حُجة علينا ليُسر الوصول إليه.
ومن خلال هذا الكتاب يطالعنا الدكتور سلمان العُودة على أهمية تعلُّم العلم وطرقه، وأبرز الآفات التي تعترض طالب العلم وكيفية علاجها، وكيف نطبق ما تعلمناه على أرض الواقع.
مؤلف كتاب مع العلم
د. سلمان بن فهد العودة: كاتب ومُفكر سعودي وداعية إسلامي وأستاذ جامعي ومُقدم برامج تليفزيونية وهو من مشايخ الصحوة، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في السُّنة.
وله مؤلفات عديدة منها: “بناتي”، و”أنا وأخواتها”، و”مجالس رمضانية”، و”مع الأئمة”، و”مع المصطفى”، و”مع الله”، و”زنزانة”، و”مع الصيام”، و”لو كنت طيرًا”، و”الصحوة في نظر الغربيين”.