التفقُّه في الدين
التفقُّه في الدين
إن العلم لا يُعد علمًا إلا بتطبيقه فلا يؤخذ علم العقيدة مُجردًا ولا الفقه كذلك، بل هي علوم شرعية ومنهاج للمسلم ليُطبقه، كما قال النبي (ﷺ): “مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ”، أي يجعله عالمًا بالله وبالدين وبالعقيدة الصحيحة مطبقًا لها قولًا وفعلًا ومُسلمًا لها بجوارحه وإلا أصبح علمه حُجة عليه لا له، وجاء أيضًا الحث على التفقه في الدين في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾، ويقول (ﷺ): “الناسُ مَعادِنُ خِيارُهم في الجاهِلِيَّةِ خِيارُهم في الإسلامِ إذا فَقُهوا”.
وفي عصرنا اليوم ظهر شباب الصحوة وأصبح لديهم شغف التفقه في الدين، لكن يصيبهم بعض القصور في الإدراك لفهم العلم، فقد ينعزلون طلبًا للعلم ويتجنبون أبواب الخير من حيث الدعوة إلى الله، لكن يكمُل المفهوم كما فعل السلف الصالح حين تطلب العلم وتطبِّقه وتدعو به إلى الله، مع مراعاة ألا تنجرف في طلب العلم فقط لمسايرة من حولك أو لجذب الناس إليك، فمن أراد هذا سقط علمه وسيكون جزاؤه النار، يقول رسول الله (ﷺ): “مَنْ طَلَبَ العِلمَ لِيُجَارِيَ بِهِ العُلمَاءَ أَوْ ليماريَ بهِ السُّفهاءَ أو يصرِفَ بهِ وجوهَ النَّاسِ إليهِ أدخلَهُ اللَّهُ النَّارَ”، فيجب أن يسعى المتعلم طلبًا للعلم بنية خالصة لوجه الله ولنفع أمته، فطلب العلم والعمل به هو وجهة الإنسان الذي خلقه الله لأجلها وتعمير الأرض وإصلاحها، ومعرفة أمور دينه بالتفقه فيه.
وهناك صنفان لأهل العلم؛ الأول أهل الذكر الذين يُسألون عن الحرام والحلال والأحكام، والصنف الثاني الذين لا يعلمون، ويسألون أهل الذكر والعلم كما قال الله تعالى في كتابه: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
الفكرة من كتاب مع العلم
يقول عمر بن الخطَّاب (رضي الله عنه): “تعلَّموا العلم، وعلِّموه النَّاس، وتعلَّموا له الوَقَار والسَّكينة، وتواضعوا لمن يعلِّمكم عند العلم، وتواضعوا لمن تعلِّموه العلم، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمكم بجهلكم”.
لقد كان العلم عند السلف ليس معرفة شرعية مجردة فقط بل كان معرفة عقلية وتحليلية بفكر شامل، فتفقهوا في علم الدين وجوانبه وانغمسوا في العلوم الحياتية كذلك، وحاليًّا في ظل الصحوة العلمية المعرفية وانتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل الإلكترونية المتنوعة التي يسرت على الجميع أخذ علوم كثيرة ومتعددة، لم يعد هناك مشقة في طلب العلم، فلا تنتقل من بلد إلى آخر حتى تتعلم حرفًا بل يُسر الأمر، حتى إن الطالب يتعلم علم طالب آخر في قارة أخرى، ويُسر التعليم في حياتنا حتى أصبح حُجة علينا ليُسر الوصول إليه.
ومن خلال هذا الكتاب يطالعنا الدكتور سلمان العُودة على أهمية تعلُّم العلم وطرقه، وأبرز الآفات التي تعترض طالب العلم وكيفية علاجها، وكيف نطبق ما تعلمناه على أرض الواقع.
مؤلف كتاب مع العلم
د. سلمان بن فهد العودة: كاتب ومُفكر سعودي وداعية إسلامي وأستاذ جامعي ومُقدم برامج تليفزيونية وهو من مشايخ الصحوة، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في السُّنة.
وله مؤلفات عديدة منها: “بناتي”، و”أنا وأخواتها”، و”مجالس رمضانية”، و”مع الأئمة”، و”مع المصطفى”، و”مع الله”، و”زنزانة”، و”مع الصيام”، و”لو كنت طيرًا”، و”الصحوة في نظر الغربيين”.