الثورة والطبقات الاجتماعية
الثورة والطبقات الاجتماعية
يعتقد فانون أن الطبقة البرجوازية في الدول الغربية منتجة وطفيلية، لكن في المستعمرات فهي طفيلية فقط، وتؤدي وظيفة الوكيل للمحتل الغربي، ولا يؤدي أصحابها أي دور لإنماء الثورة القومية في بلادهم، ويعملون غالبًا في السياسة وقطاع الخدمات كالوظائف الحكومية، ويثبت صدق فانون أن 75٪ من النخبة في نيجيريا تعمل في المهن الراقية ووظائف الحكومة، وتشكِّل نسبة الصناعيين في الجزائر نحو 01٪، والاستعمار -في رأي فانون- هو المسؤول الأول عن صناعة تلك الطبقة رغم أنها شكلت الأحزاب الوطنية؛ بيد أنها انتكست سريعًا لتؤدي دور الوسيط في نقل السلطة بين البيض والسود، لذا تميل غالبًا إلى عدم استخدام العنف ولكن تستغل الثورة المسلحة، وهي كذلك في عزلة عن قطاع الريف ومجتمع الفلاحين.
ولا يعتقد فانون بأن طبقة العمال في أوروبا ثورية ولا هي متعاطفة مع الشعوب المستعمرة بل تستفيد من الاستعمار استفادة كبيرة أو صغيرة، ويصدق سنغور بأن التضامن بين الشعوب المستعمَرة والعمال الغربيين وهمٌ رومانتيكي لا أكثر، والعمال المحللون في المستعمرات لا يختلفون عن نظرائهم في الغرب، ربما يكون فانون مخطئًا في تحويل تشويه سياسي مؤقت إلى حقيقة اجتماعية دائمة، ويرى التروتسكي ميشيل بابلو أن زعماء الاشتراكية مشاركون في إصابة العامل بالشلل، ويُرجع بعضهم آراء فانون إلى عجزه عن التفريق بين الطبقة العاملة الأصلية وفئات البرجوازية الصغيرة.
طبقًا للماركسية، فإن طبقة العمال هي القوة الثورية الاجتماعية الوحيدة داخل النظام الرأسمالي، وتقل احتمالية قيام الفلاحين بثورة ناجحة، ولكن فانون، ومن دون تقديم أي برهان، يجعل طبقة الفلاحين الفقراء هم الطبقة الثورية؛ ويقول إنهم فئة “تعيش حياة راكدة ولكنها تتمسك بقيمها الخُلقية، وتكرِّس نفسها للحفاظ على سلامة الشعب”، ويرى أن الثورة تبدأ من المناطق الريفية وتتحرك عبر الفلاحين المشردين إلى الأكواخ الشعبية في المدن، ويتشبث فانون بإجراءات تأميم قطاعات الإنتاج والتجارة وانتهاج سبيل الإدارة اللامركزية لمنع نمو الطبقات البرجوازية وكبح سلطة المؤسسات الاحتكارية.
الفكرة من كتاب فرانز فانون.. سيرة فكرية
إنَّ سيرة فرانز فانون تثير الإعجاب والدهشة، لأنها معروفة لدى الأوروبيين أكثر من سكان العالم الثالث والسُّود الذين تبنى “فانون” مشكلاتهم وناضل لأجلهم، وتبعث سيرته على الألم، لأن الاستعباد والتمييز اللذين حاربهما ما زالا ضاربين بجذورهما في ذلك العالم وإن تحورت أشكال العبودية قليلًا.
في هذا الكتاب يعرض لنا الكاتب والمؤرخ ديفيد كوت سيرة الطبيب والفيلسوف الاجتماعي الفرنسي فرانز فانون، الذي عُرف بنضاله من أجل الحرية وضد التمييز والعنصرية.
مؤلف كتاب فرانز فانون.. سيرة فكرية
ديفيد كوت (David caute): مؤرخ وروائي وصحفي بريطاني، وُلد في الإسكندرية عام 1936، ودرس في أكاديمية إدنبره ثم كلية سانت أنتوني في أكسفورد، شغل “كوت” مناصب أكاديمية عدة وعمل أستاذًا زائرًا في جامعات كولومبيا ونيويورك، ورئيسًا مشاركًا لنقابة الكتاب في بريطانيا العظمى، وزميلًا في الجمعية الملكية للأدب.
من أبرز مؤلفاته:
The Essential Writings of Karl Marx
Under the Skin (The Death of White Rhodesia)
Isaac and Isaiah: The Covert Punishment of a Cold War Heretic
معلومات عن المترجم:
عدنان كيَّالي: كاتب ومترجم، له عدد من المقالات والتراجم منها: موسوعة العناية بالطفل.