الدراسات الاستشرافية الإسلامية
الدراسات الاستشرافية الإسلامية
تعدُّ الدراسات المستقبلية نوعًا من تلمس التطوُّر المستقبلي للنشاط الإنساني وتحديد اتجاهات واقتراح إستراتيجيات لمساعدة صانع القرار، وتعاني تلك الدراسات في البلاد الإسلامية ضعفًا شديدًا، وفي أحسن حالاتها تقتصر على البلدان العربية فقط، والتي لا يتجاوز مجموع سكانها الـ20 في المائة من تعداد المسلمين، مما يُعدُّ تمثيلًا ناقصًا للواقع الإسلامي وإهدارًا للعديد من الطاقات، وربما يخطئ بعض الناس عندما يتصور أن الحديث عن المستقبل إنما هو من قبيل الرجم بالغيب أو الكهانة، وهذا خطأ تمامًا، فالمستقبل المعني هنا ما هو إلا انعكاس الزمن لآثار أعمالنا اليوم.
أما الكهانة أو ادعاء الغيب فتعني الجزم بصورة واحدة للمستقبل يدعي صاحبها معرفتها مستقبلًا، نتيجة اتصاله -حسب زعمه- بعوالم خفية أو أسباب سماوية، وإلا فالاهتمام بالنظر في عواقب الأمور نتيجة الاعتماد على مقدماتها هو من أكثر الجوانب ديناميكية في الدين الإسلامي إذ هو ربط بين الحاضر والمستقبل، فالعالم إنما تحكمه سنن كونية من استرشد بها أعانته ومن تصادم معها قصمته، ولذا تجد ارتباطًا وثيقًا بين تخلف الأمم وإهمالها البحث في قضايا المستقبل، فــ 97 في المائة من مجموع الإنفاق على البحث في استشراف المستقبل يأتي من الدول الصناعية الكبرى، أما 3 في المائة فقط فيأتي من العالم الثالث.
ومع سرعة حركة الحياة والتعقيد المتصاعد للعديد من القضايا المتعلقة بالنشاط الإنساني، مما أسهم بدوره في تقارب الزمان والمكان، انتقلت المعرفة الإنسانية من فلسفة الإنتاج إلى فلسفة المعرفة والمعلومات، ومن ثمَّ أضحى العامل البشري بما يشمله من الأدمغة والعقول الإبداعية أهم الموارد على الإطلاق، لا سيما مع الدور الفاعل للتكنولوجيا المتقدمة كوسائل الاتصال الحديثة والتجارة الإلكترونية، ومجالات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الروبوت وتقنيات تعلم الآلة ودورها الجديد المهيمن على قطاعات كبرى من الحياة المعاصرة.
الفكرة من كتاب الحرب الحضارية الأولى
يتلقف العالمَ اليوم الكثير من التجاذبات والصراعات، كما يعج كذلك بالعديد من التحليلات ما بين معسكر متفائل هنا وآخر متشائم هناك، لذا يسعى هذا الكتاب إلى العودة قليلًا إلى الوراء لسبر أغوار الماضي، ومحاولة تجاوز حتمية الاصطفاف بين أحد المعسكرين، واتخاذ موقف انتقائي لتوصيف مثالب هذا النظام العالمي القائم على هيمنة الحضارات وصراعها مع بعضها بعضًا.
مؤلف كتاب الحرب الحضارية الأولى
د. المهدي محمد المنجرة: اقتصادي وعالم اجتماع مغربي مختص في الدراسات المستقبلية، يعدُّ أحد أكبر المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية، وُلد في الـ13 من مارس عام 1933م في الرباط في المغرب، التحق بجامعة كورنيل الأمريكية وتخصص في البيولوجيا والكيمياء، وفي عام 1954 واصل دراسته العليا بكلية لندن للاقتصاد للحصول على درجة الدكتوراه، وبعد عودته إلى المغرب عُين محاضرًا أكاديميًّا بالعديد من الجامعات المحلية والدولية، كما التحق بالعديد من المنظمات الدولية كاليونسكو والاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية، وحصل خلال مسيرته على جوائز عالمية منها جائزة الأدب الفرنسي من جامعة كورنيل، ووسام الاستقلال من الأردن، توفي في الـ13 من يونيو من عام 2014.
من أبرز مؤلفاته: “نظام الأمم المتحدة”، و”من المهد إلى اللحد”، و”القدس العربي”.