الموتُ واللغز
الموتُ واللغز
في لحظةِ الموت؛ لا أحد يكترثُ للموتِ نفسهِ؛ حتى المُشيّعينَ الذين يحمِلون النعش، فكلٌّ منهم تَشغلُهُ مَشاغلُ حياتِه.
في الحقيقة، الحياةُ هي التي تَعني لنا كلَّ شيء، نحن نتناسى حقيقةَ الموت، وحتي نتحاشى الحديثَ عنه؛ في حين أننا نموتُ في كلِّ لحظة، فأنسجةُ أجسادِنا تموتُ وتُولَدُ من جديد؛ وشخصياتُنَا تتغيرُ وتتطور، بل حتى أننا كأفرادٍ نموتُ ونتجدد؛ فذلك الطفلُ الرضيعُ، قد ماتَ واختفى، وحلّ مكانهُ الشابُّ اليافِعُ المُندفِعُ، ومالبِثَ أن مات وأتى بعدهُ رجلٌ، هو أنت.
ستكبرُ ويموتُ شَبابُكَ وسيأتي الموتُ الأكبرُ ليخطفَك، ربما عندما تُصبِحُ شيخًا، ولكنك مع عِلمِكَ بذلك لا تزالُ تشعرُ بالذُهُول، وربما الخوف والرفض عندما تسمعُ أنك ستموت؛ لأنك تخشى فكرة أنك لن تَعودَ مُوجودا أبدًا، ففكرةُ الفَنَاءِ هي التي تُرعِبُك، بينما تلك الموتاتُ الصغيرةُ كانت دَاخِلية، ولم تشهدْهَا بأمِ عَينك!
نحن في حالةِ صَيرورةٍ مُستمرةٍ من الموتِ والحياة، حالةٍ مُتحركةٍ، نابضةٍ صائرةٍ، من موتٍ إلى حياة ومن حياةٍ إلى موت في كل لحظة؛ فنحن عُمْلَةُ لها وجهانِ معًا. لا يجبُ النظرُ إلى الموتِ على أنه هدمٌ وإنهاءٌ لنشاطِ الإنسان، هذا جزءٌ غيرُ كاملٍ للصورةِ الكبيرة.
الفكرة من كتاب لغزُ الموت
يأخُذُنا “مصطفى محمود” بأُسلوبِهِ البسيطِ الجذّاب في رحلة للتفكُّرِ بأحدِ أكبرِ الأشياءِ جَدَليّة، ألا وهو الموت، ويعرِضُ لنا حقائقَ قد تكونُ صادمةً عند التأمُّلِ فيها؛ مثلَ أننا نموتُ في كلِّ لحظة.
ثم ينتقلُ بنا للحديثِ عن أجسادِنا وحُدودِهَا، وعن الزمنِ واختلافِ مَفهومهِ باختلافِ وعيِنَا فيه، ثم يتحدثُ عن الإرادةِ والحُريّةِ، مُتسائلًا تساؤلاتٍ عَميقة، مثل: هل الإنسان مُسير أم مُخير؟، كما يتحدثُ عن النوم وعن التُرابِ وتركيبِه والكون، وكيف يتكونُ من عاملٍ واحد، يُعبِّرُ في مَضمونِهِ عن تجلى الله.
مؤلف كتاب لغزُ الموت
مصطفى محمود، طبيبٌ مُتخصص، وكاتبٌ وباحثٌ مُتفرغ، ألّفَ 89 كتابًا تنوعت بين العلم والفلسفة والدين والسياسة والأعمال الأدبية.
أسسَ مسجد “مصطفى محمود” في القاهرة، و”جمعية مسجد محمود”، التي تضم مستشفى ومركز للعيون ومراكز طبية أخرى، بالإضافة إلى متحف للجيولوجيا وآخر للأحياء المائية ومركز فلكي.