القومية والعرق
القومية والعرق
تعد الفاشية أيديولوجية قومية متعصبة وعنصرية أيضًا لأنها لا تعامل جميع سكان الأقاليم على أنهم مواطنون أو بشر أصحاب حقوق متساوية، ولكن على أساس مطابقتهم لسمات يزعم أنها (قومية) سواء أكانت بيولوجية أو ثقافية أو دينية أو سياسية، وهذه العنصرية تظهر حتى في الرعاية الاجتماعية وسياسة الأسرة، وبالتالي من هم خارج الوطن يواجهون مستقبلًا غامضًا، قد يصل إلى الإبادة في أسوأ الأحوال، ففهم العنصرية من فَهم الفاشية.
قديمًا كان الفاشيون لا يجدون حرجًا في التصريح بتفوق بلدانهم أو أجناسهم كما فعل هتلر وأقنع الألمان بتفوق الجنس الآري، وكان تقسيمهم للناس وتصنيفهم عن طيب خاطرٍ منهم، ولكن نظرًا إلى السمعة السيئة التي لحقت بمصطلح العنصرية فالمعاصرون يستخدمونه بشكلٍ مستتر؛ كما يحدث في جنوب أفريقيا من فصلٍ عنصري، فأكثر أشكال العنصرية جمودًا يذهب إلى أن العرق يتحدد بيولوجيًّا، ومن المستحيل أن يغير المرء قدره ويندمج في قومية أخرى.
فالنازيون مثلًا كانوا يعتقدون أن اليهود المندمجين في مجتمعهم أشد خطورة لأنهم يتصرفون في الخفاء، وتعمل هذه العنصرية البيولوجية على تقسيم الناس إلى رتب عليا ودنيا، لا يكاد يختلف هذا عن الحيوانات، فبإمكان من في الرتبة الأعلى الاستفادة ممن هم أدنى أو حتى قتلهم، والهوية القومية لا تتحدد بيولوجيًّا عمومًا، وكان يرى المثقفون الأوروبيون أن القومية تتعلَّق بالتاريخ والثقافة، فبالتالي من يسكن الأراضي التاريخية أو يتحدث اللغة القومية أو يؤدي شعائر الديانة يصبح قوميًّا.
وهذه تعد عنصرية تاريخية وثقافية وإن كانت أقل تطرفًا لأنها تتيح الاندماج عن طريق تعلم اللغة القومية أو تغيير الديانة، أما الآن فالأمر أصبح منوطًا بالقانون ومدى الالتزام به، ففي ألمانيا كانت العنصرية تنطلق من الشعور بتفوق الآريين والنظر بانحطاط إلى البقية وبخاصة اليهود ومحاولة إبادتهم. أما في إيطاليا فكانت العنصرية غير متجذرة كما في ألمانيا، فالعداء للسامية لم يكن قويًّا، واليهود هناك شغلوا مناصب مرموقة في الحزب والنظام الفاشيين، وكان لموسوليني خليلة يهودية، كما كان يسخر من العنصرية البيولوجية، وكانت سلطات الاحتلال في فرنسا وكرواتيا ترفض تسليم اليهود للألمان، ورغم هذا كانت العنصرية حاضرة بينهم أيضًا.
الفكرة من كتاب الفاشية: مقدمة قصيرة جدًّا
يزخر التاريخ بالعديد من المصطلحات والأحداث، منها الفاشية، فما هي، وكيف نشأت، وما الأفكار التي انبثقت عنها، وما الذي سبقها من تدبير؟ كل هذا وأكثر نعرفه في ضوء هذا الكتاب الذي يعد شرحًا لمصطلح الفاشية وأحداثه التاريخية وما صاحبه من أفكار وعداءات.
مؤلف كتاب الفاشية: مقدمة قصيرة جدًّا
كيفن باسمور: كاتب ومحاضر في مادة التاريخ في جامعة كارديف، حصل على درجة البكالوريوس في التاريخ الأوروبي الحديث والدكتوراه من جامعة وارويك، ومن بين مؤلفاته: “من الليبرالية إلى الفاشية: اليمين على أرض فرنسية”، و”تسجيل تواريخ وطنية: أوروبا الغربية منذ عام ١٨٠٠م”، و”المرأة والنوع واليمين المتطرف في أوروبا، ١٩١٩: ١٩٤٥م”.