ألمانيا النازية
ألمانيا النازية
بين الفاشية والنازية أمر مشترك يكفي لجعل تطبيق مفهوم الفاشية أمرًا جديرًا بالاهتمام؛ وهو تولي السلطة حركة كانت تسعى إلى خلق وحدة وطنية من خلال قمع أعداء الوطن ودمج جميع الفئات وكلا الجنسين داخل أمة مستنفرة على الدوام، وتحقيق هذا كان أمرًا مستحيلًا، إذ شهدت كل من إيطاليا وألمانيا تنافسًا دائمًا بين الحزب الفاشي وفروعه من جهة، والمؤسسات القائمة من جهة أخرى ضمن حدود تأسست حسب الولاء الشخصي لهتلر وموسوليني، وبَدءًا من منتصف عشرينيات القرن العشرين اعتبر هتلر نفسه القائد العظيم الذي سيقود ألمانيا إلى النصر أو الموت.
وكان أدولف هتلر يؤمن أن مهمة ألمانيا هي غزو الشرق بدلًا من روسيا (اليهودية البلشفية)، والنجاح في هذا يعتمد على نبذ الديموقراطية وتطهير نفسها من أعدائها من الأعراق الأخرى، وسيكون من شأن مكان العيش المنشود توفير الموارد اللازمة لتوحيد الناس في ألمانيا الجديدة والنقية عرقيًّا، فالأهداف الداخلية والخارجية كانت مرتبطة بعضها ببعض، وهذه الأفكار كانت مستمدة من الداروينية الاجتماعية والعنصرية والإمبريالية التي كانت متنكِّرة في لباس العلم، ولم يكن الكل يشارك هتلر هوسه، لكن شعبيته سمحت له بتنفيذ مخططاته.
وصل هتلر إلى سدة الحكم بالطريقة نفسها التي وصل بها موسوليني بالتحالف مع المحافظين وضغط الشارع جراء الأزمات التي ألمَّت به، وكان أول الإجراءات التي اتخذها النظام عزل اليهود من الوظائف الرسمية وتم التخلص من العناصر غير المرغوب فيها من قطاع الوظائف الحكومية، وضمن النازيون توغل عقيدتهم في جميع أوساط المجتمع بتعديل المناهج المدرسية وحل الجمعيات المستقلة أو دمجها في تنظيمات نازية، وكان العرق هو المبدأ الموجه إلى كل هذا، ولم تكن لتنجح سياساته لولا دعم المؤسسات غير النازية وتحديدًا الجيش والدوائر الحكومية والأساتذة الأكاديميين، ونظرًا إلى تقبُّلهم خطاب هتلر كانوا يتفوقون بعضهم على بعض في تنفيذ أوامره.
وكان هتلر كموسوليني مولعًا بالدبلوماسية معتبرًا الاستحواذ على الحيز المعيشي والقضاء على الأعداء العرقيين أمورًا بالغة الأهمية، غير أنه لم يمتلك خطة واضحة لفعل هذا، لكنه بدأ بإعداد ألمانيا لحربٍ عنصرية، فضم النمسا وبدأ حربًا ضد بريطانيا وفرنسا وما إن نجح في هزيمة فرنسا حتى بدأ يخطط لغزو الاتحاد السوفييتي.
الفكرة من كتاب الفاشية: مقدمة قصيرة جدًّا
يزخر التاريخ بالعديد من المصطلحات والأحداث، منها الفاشية، فما هي، وكيف نشأت، وما الأفكار التي انبثقت عنها، وما الذي سبقها من تدبير؟ كل هذا وأكثر نعرفه في ضوء هذا الكتاب الذي يعد شرحًا لمصطلح الفاشية وأحداثه التاريخية وما صاحبه من أفكار وعداءات.
مؤلف كتاب الفاشية: مقدمة قصيرة جدًّا
كيفن باسمور: كاتب ومحاضر في مادة التاريخ في جامعة كارديف، حصل على درجة البكالوريوس في التاريخ الأوروبي الحديث والدكتوراه من جامعة وارويك، ومن بين مؤلفاته: “من الليبرالية إلى الفاشية: اليمين على أرض فرنسية”، و”تسجيل تواريخ وطنية: أوروبا الغربية منذ عام ١٨٠٠م”، و”المرأة والنوع واليمين المتطرف في أوروبا، ١٩١٩: ١٩٤٥م”.