استغلال البيولوجيا في التأسيس للأبارتهايد
استغلال البيولوجيا في التأسيس للأبارتهايد
هل العلم محايد؟ العلم التجريبي خصوصًا محايد؟ لا يرى الكاتب ذلك، إنما يؤكد أن العلماء والمفكرين وعلماء الطبيعة والأنثروبولوجيين تمامًا كالتجار والعسكريين ورجال السياسة، وقد أسهموا بدور عظيم في تعزيز الإمبريالية والأبارتهايد والدفاع عنهما وعن الممارسات الوحشية التي تمت باسمهما.
صاحب الحركاتِ الاستعماريةَ العديدُ من الدراسات المتعلقة بتقسيم السلالات والأعراق، فقد أسس البريطاني “فرانسيس جالتون” في منتصف القرن التاسع عشر علم “اليوجينيا” المختص بتحسين السلالات البشرية من خلال رصد التفاوت العرقي بينها، وذلك للحد من تناسل من لا يستحقون الحياة -في رأيه- مثل الزنوج، وكانت التقسيمات الإثنية كلها متفقة على وضع ذوي البشرة السوداء في قاع الهرم البشري باعتبارهم أقل من الإنسان العادي، الأبيض، مثل تقسيمات “إدوارد لونج” و”فريدريك بلومنباخ” وغيرهما، وبالعودة أكثر في التاريخ الأوروبي نجد أبقراط الطبيب والفيلسوف الإغريقي الشهير يصف أصحاب البشرة الداكنة بالجبن والضعف، والأشخاص ذوي البشرة البيضاء بأنهم شجعان ويقاتلون ببطولة، بل وصل الأمر إلى الاعتقاد بكون آدم وحواء لا بد أن يكونوا من الجنس الأبيض! وبالتالي فكل الأعراق ناتجة عن عوامل تدهور بيئية، مما أفضى إلى صك مصطلح “التَّزَنُّج” على يد “بينجامين روش”، وبالتالي فاختلاط الأعراق في رأيه هو أمر خاطئ تمامًا.
شهدت العنصرية العلمية البيولوجية أوجها في الفترة بين عامي 1920م و1945م حتى بدأت الدعوات تتزايد ضدها، وبخاصةٍ بعد دعوة منظمة اليونسكو إلى دحض نظريات صناع الأجناس اجتماعيًّا وعمليًّا، واعتبارها محض ظاهرة بيولوجية لا اختلافًا عقليًّا، لا سيما أن علم الوراثة التطورية قد أثبت أن الاختلافات البيولوجية بين الأجناس طفيفة، لكن كل هذا لم يمنع استمرار العنصرية العلمية حتى اليوم مع وجود جهات داعمة لها ومجلات عالمية تنشر الأبحاث المدافعة عنها مثل مجلة (Mankind Quarterly) البريطانية، وآراء علماء أحياء مشهورين مثل “جيمس واتسون” الحائز على جائزة نوبل لاكتشاف تركيب الحمض النووي، الذي صرح في بداية العام 2019م بتباين نتائج اختبارات الذكاء بين البيض والسود وإرجاع ذلك إلى عوامل جينية.
الفكرة من كتاب الأبارتهايد.. دراسة في الجذور التاريخية والثقافية لمفهوم الفصل العنصري
يحاول المؤلف في هذا الكتاب فهم مصطلح “الأبارتهايد” في سياق علاقة الكولونيالية الأوروبية والأمريكية مع البلدان المستعمرة ولا سيما في أفريقيا، كما يبين الخلفية الأيديولوجية للعنصرية الغربية وطريقة اشتغالها وارتباطها الوثيق بالحركات الاستعمارية لتصبح أطروحة الأبارتهايد أداة سياسية لإدارة المستعمرات.
مؤلف كتاب الأبارتهايد.. دراسة في الجذور التاريخية والثقافية لمفهوم الفصل العنصري
الدكتور حميد لشهب كاتب ومترجم مغربي، حصل على درجة دكتوراه قسم الفلسفة من جامعة ستراسبورغ الفرنسية سنة 1993، وحصل كأول باحث عربي على الجائزة العالمية “إريك فروم” لسنة 2004، له دراسات ومقالات عديدة في الميدان الفلسفي والسيكولوجي والسياسي