الأطفال يخافون الغرباء
الأطفال يخافون الغرباء
إن أول ما ينشأ عليه الطفل اجتماعيًّا هو ارتباطه بوالديه، وتحديدًا أمه حيث يبدأ بالتعلق بها منذ الشهور الأولى؛ بين الشهر السادس والشهر الثامن، ويكون هذا التعلُّق العاطفي بدايةً مع شخص واحد فقط ثم يتسع بمرور الوقت ليشمل الأب والأهل والأقارب، فإن الطفل قد لا يحتمل غياب الأم لفترات بسيطة ويعبر عن ذلك بالبكاء والصراخ، وقد لا يجد في اللعب والانشغال بأشياء أخرى تعويضًا كافيًا عن هذا الفراق المؤقت، وعندما أجرى العلماء الأبحاث وجدوا أنه إذا تم إبعاد الأطفال عن أمهاتهم سواء لظروف عائلية أو لظروف أخرى لمدة أسابيع ثم عودة الأم مرة أخرى لا يستقبل الطفل أمه بنفس الحب والأمان السابقين، وأحيانًا قد ينصرف عنها ويتعامل معها كما لو أنها غريبة، وذلك بسبب تحوُّل حالته من التعلق والأمان إلى الفراق واليأس من العودة مرة أخرى.
تكون العلاقة بين الطفل وأبويه قائمة على التغذية العاطفية الدائمة وتلبية حاجات الطفل النفسية والجسدية، وهذا بدوره يفسر تعامل الأطفال مع الغرباء وشعورهم بالخوف والنفور منهم، وتم تفسير ذلك السلوك عن طريق “مبدأ التعارض”، وينص المبدأ على أن الطفل ببلوغه الشهر الخامس يبدأ في إدراك الوجوه وتمييز وجه أبويه جيدًا، وعندما يلتقي شخصًا غريبًا يدرك الاختلاف، ويشعر بالخوف ويبدأ بالعبوس أو البكاء.
ظاهرة الخوف من الغرباء ظاهرة طبيعية وتبلغ أقصاها عند نهاية السنة الأولى لأن الطفل حينها يكون قد تعرض لأشخاص كثيرين وأدرك أنه لا مدعاة للخوف.
من العوامل التي تؤثر في حجم هذا الشعور موقف لقائه بالشخص الغريب وشكل الشخص ومكان اللقاء، وبالطبع مدى الأمان الذي يشعر به الطفل في بيته مع أبويه، والنصيحة المهمة للحدِّ من هذا السلوك أن يرتبط الطفل بوجوه كثيرة في العائلة حتى يستطيع التأقلم مع غياب الأم لفترة أو تجاوز شعور الخوف من الغرباء.
الفكرة من كتاب المشكلات السلوكية لدى الأطفال
إن محاولة فهم سلوك الأطفال ومشاعرهم ورغباتهم أصبح اليوم أمرًا أكثر ضرورة من ذي قبل خصوصًا في ظل التقدم التكنولوجي الكبير وما تبعه من تضخُّم في حجم المدخلات التي تحيط بأطفالنا ومدى التأثير الذي تُحدثه فيهم.
يشرح الكاتب العديد من السلوكيات التي تتطوَّر مع تقدم الطفل في العمر فيبدأ مثلًا بشرح مشاعر التعلق بالأبوين والنفور من الغرباء، ثم يفسِّر سلوك الانطواء ويوضِّح أسبابه، وبعد ذلك يبين مظاهر التعبير الخاصة كالبكاء والغضب والعناد، ويذكر بعض المفاهيم التي تكون في طور التكوُّن في ذهن الطفل، وأخيرًا يتناول قضية التحرُّش بالأطفال أكاديميًّا ويبيِّن أنواعه.
مؤلف كتاب المشكلات السلوكية لدى الأطفال
بديع القشاعلة باحث ومفكر فلسطيني حاصل على بكالوريوس في علم النفس من جامعة سانت بطرسبرج، يعمل كأخصائي نفسي تربوي متخصِّص، عمل زمنًا طويلًا في قسم الخدمات النفسية في مدينة رهط بفلسطين، ويعمل الآن مدير قسم رياض الأطفال في نفس المدينة.
له العديد من المؤلفات في علم النفس، أهمها: “زوايا إسلامية من وجهة نظر سيكولوجية”، و”لفتات في علم النفس”، و”الأساس في التربية الخاصة”.