الملتفون حول السلطان
الملتفون حول السلطان
الملتفونوهؤلاء إنما يتخلون عن حريتهم وعن إرادتهم من أجل أن يكونوا في كنف هذا الطاغية، يتملقونه ويخدمونه ويفكرون له ولمصلحته، ويجتهدون لإرضاء مطامعه وشهواته وملذاته ولو على حساب كرامتهم، وأي مكسب مادي أو مكانة يقبلان أن يتحول الإنسان إلى مسخ مشوه تابع لطاغية، وهم كلما أعطوه زاد قوة وتجبرًا حتى أتى عليهم، وكثيرًا ما كان أولئك المقربون هم أول من يبطش بهم الطاغية، وأمثال ذلك أكثر بكثير ممن يفلتون بثرواتهم دون أن يصيبهم ضرر.الملتفونوهؤلاء إنما يتخلون عن حريتهم وعن إرادتهم من أجل أن يكونوا في كنف هذا الطاغية، يتملقونه ويخدمونه ويفكرون له ولمصلحته، ويجتهدون لإرضاء مطامعه وشهواته وملذاته ولو على حساب كرامتهم، وأي مكسب مادي أو مكانة يقبلان أن يتحول الإنسان إلى مسخ مشوه تابع لطاغية، وهم كلما أعطوه زاد قوة وتجبرًا حتى أتى عليهم، وكثيرًا ما كان أولئك المقربون هم أول من يبطش بهم الطاغية، وأمثال ذلك أكثر بكثير ممن يفلتون بثرواتهم دون أن يصيبهم ضرر.
فنيرون الذي عشق زوجته بوبيا وهام بها انتهى به الأمر أن قتلها بالسم، وأمه قتلت زوجها كلاديوس ليصل هو إلى الحكم فما كان منه حينما تقلَّد السلطان إلا أن قتلها!
بالمثل تجد أن أغلب الطغاة إنما يلقون حتفهم على يد أقرب الناس إليهم، ففي نهاية الأمر لا يمكن لأحد أن يطمئن لطاغية بلغ به البطش مبلغه، فالطاغية لا يحب أحدًا ولا يحبه أحد، فالمشاعر الطيبة لا تنمو إلا بين النبلاء وأصحاب الفضل والاستقامة التي تجعل الصاحب يأمن صاحبه، وهي تقوم على المساواة لا برفعة لأحد على الآخر، ومن أفلت من الطاغية فغالبًا لم يكن ليفلت ممن يتولى الحكم بعده، فإن كان صالحًا حاسبه على إفساده وإن كان طاغية أيضًا بطش به وبكل ما يملك.
الفكرة من كتاب مقالة في العبودية المختارة
كيف تحمَّل الناس الخضوع لطغيان الملوك وتسليم رقابهم إليهم، كيف لواحد من البشر أن يذل مئات الآلاف دون أن يقدروا عليه، وهل كنا لنصدق مثل هذا ما لم نكن شهدناه بأعيننا؟
يحاول الكاتب الوصول إلى إجابات أسئلته وبحث أسباب استكانة الشعوب للطغاة، والحيل التي يمارسها الطغاة لفرض سلطانهم على عوام الناس، مستعينًا بمشاهداته وقراءاته التاريخية من خلال المقالة التي كتبها في بدايات شبابه ولم تُنشَر إلا بعد موته.
مؤلف كتاب مقالة في العبودية المختارة
إتيان دو لابويسي Étienne de La Boétie: كاتب وشاعر وقاضٍ فرنسي، ولد عام 1530 في مدينة سالارت، نشأ في عائلة من القضاة، درس الإنسانيات، والنصوص القديمة، ثم حصل على شهادة الحقوق في جامعة أورليان، وعُيِّن مستشارًا في البرلمان بقرار من الملك هنري الثاني وهو في الثالثة والعشرين قبل عامين من بلوغه السن القانونية لهذا المنصب، توفي عام 1563 وهو في الثانية والثلاثين إثر مرضه.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
The will to bondage
Discours de la servitude volontaire