اعتياد الذل
اعتياد الذل
لا يستسلم الناس للطغيان إلا مكرهين بقوة السلاح، أو مخدوعين كما حدث مع شعب سيراكوزا الذين وجدوا أنفسهم أمام حرب لم يكونوا مستعدين لها فرفعوا ديونيسيوس لقيادة الجيش على أمل الخلاص، لكن الأخير ما إن عاد من الحرب منتصرًا حتى استغل القوة التي منحها إياه شعبه ضده ورقى نفسه من قائد للجيش إلى ملك طاغية.
وما بدأ بالإكراه لا يلبث بعد مرور الأجيال أن يتم طواعية، فالذين نشأوا في ظل العبودية والظلم لم يذوقوا طعم الحرية حتى يطالبوا بها، إذ كيف تتطلَّع إلى شيء لا تعرفه، وكيف لمن تربى في الظلام شهورًا وأعوامًا أن ينشد نورًا لا يعلم وجوده، وهو إن علم بوجوده فربما لا يعبأ به على أي حال، صحيح أن التطلع إلى الحرية من طبيعة البشر، غير أن العادة غالبًا ما تكون أقوى من طبيعة الإنسان ما لم تُتعهَّد بالرعاية، فما اعتاده المرء وتربَّى عليه هو ما يراه طبيعيًّا في نهاية المطاف، إذ إن العادة هي السبب الأول والرئيس لتقبل البشر للعبودية.
الفكرة من كتاب مقالة في العبودية المختارة
كيف تحمَّل الناس الخضوع لطغيان الملوك وتسليم رقابهم إليهم، كيف لواحد من البشر أن يذل مئات الآلاف دون أن يقدروا عليه، وهل كنا لنصدق مثل هذا ما لم نكن شهدناه بأعيننا؟
يحاول الكاتب الوصول إلى إجابات أسئلته وبحث أسباب استكانة الشعوب للطغاة، والحيل التي يمارسها الطغاة لفرض سلطانهم على عوام الناس، مستعينًا بمشاهداته وقراءاته التاريخية من خلال المقالة التي كتبها في بدايات شبابه ولم تُنشَر إلا بعد موته.
مؤلف كتاب مقالة في العبودية المختارة
إتيان دو لابويسي Étienne de La Boétie: كاتب وشاعر وقاضٍ فرنسي، ولد عام 1530 في مدينة سالارت، نشأ في عائلة من القضاة، درس الإنسانيات، والنصوص القديمة، ثم حصل على شهادة الحقوق في جامعة أورليان، وعُيِّن مستشارًا في البرلمان بقرار من الملك هنري الثاني وهو في الثالثة والعشرين قبل عامين من بلوغه السن القانونية لهذا المنصب، توفي عام 1563 وهو في الثانية والثلاثين إثر مرضه.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
The will to bondage
Discours de la servitude volontaire