يكفي ألا نمدَّها بالحطب!
يكفي ألا نمدَّها بالحطب!
هكذا هي شرارة النار الصغيرة إن أردت إطفاءها فليس عليك فعل أي شيء فقط لا تمدها بالحطب وستطفئ نفسها بنفسها، وهكذا الملوك المتجبرون ليس على الشعوب قتالهم وإنما فقط ألا يخدموهم، ألا يقدموا لهم ما يستعبدونهم به، والشعب إن أعطى الطغاة لم يقنعوا أو يخففوا عنه، بل يزدادون تجبرًا وعلوًّا وإفسادًا، وكلما خدمهم الناس ازدادوا قوة ومنعة.
أليست العيون التي تتجسَّس وتنقل الأخبار من الشعب، والجلادون الذين يضربون الناس أليسوا أيضًا من الشعب، والمتملقون والمسبحون بمجد الحاكم أليسوا من الشعب، “ألستم من تؤونه وأعوانه وسجانيه بين ظهرانيكم، فقط كفُّوا عن تثبيت سلطانه، إن كنتم لا تتأخرون عن تلبية نداءات الحرب في سبيل هذا الطاغية مخاطرين بحياتكم من أجله، فما لكم ألا تخاطروا بحياتكم من أجل حريتكم؟!”.
عندما يكون ما تبتغيه النفس ذا قيمة عالية فلا بدَّ له من همة وصمود، أما الجبن والتخاذل فإنه يمنع المرء من المطالبة بحقه وإن رغب فيه، فالرغبة يشترك فيها الشجعان والجبناء، ولكن كيف يفقد البشر الرغبة في الحرية وهي الفطرة التي فطرته عليها الطبيعة؟
الفكرة من كتاب مقالة في العبودية المختارة
كيف تحمَّل الناس الخضوع لطغيان الملوك وتسليم رقابهم إليهم، كيف لواحد من البشر أن يذل مئات الآلاف دون أن يقدروا عليه، وهل كنا لنصدق مثل هذا ما لم نكن شهدناه بأعيننا؟
يحاول الكاتب الوصول إلى إجابات أسئلته وبحث أسباب استكانة الشعوب للطغاة، والحيل التي يمارسها الطغاة لفرض سلطانهم على عوام الناس، مستعينًا بمشاهداته وقراءاته التاريخية من خلال المقالة التي كتبها في بدايات شبابه ولم تُنشَر إلا بعد موته.
مؤلف كتاب مقالة في العبودية المختارة
إتيان دو لابويسي Étienne de La Boétie: كاتب وشاعر وقاضٍ فرنسي، ولد عام 1530 في مدينة سالارت، نشأ في عائلة من القضاة، درس الإنسانيات، والنصوص القديمة، ثم حصل على شهادة الحقوق في جامعة أورليان، وعُيِّن مستشارًا في البرلمان بقرار من الملك هنري الثاني وهو في الثالثة والعشرين قبل عامين من بلوغه السن القانونية لهذا المنصب، توفي عام 1563 وهو في الثانية والثلاثين إثر مرضه.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
The will to bondage
Discours de la servitude volontaire