العبودية المختارة
العبودية المختارة
إن أسوأ ما يحدث للمرء أن يجد نفسه تحت سطوة سيد ظالم لا يمكن الاطمئنان لبطشه وكثرة الأسياد إنما هي مضاعفة للعذاب، وحسبما يقول عوليس البطل الأسطوري اليوناني: “لا أرى خيرًا في تعدُّد الأسياد، كفى سيد واحد وملك واحد”.
إن البشر مجبولون أحيانًا على التسليم لقوة تقودهم، لأننا لا نستطيع أن نكون الأقوياء دائمًا بطبيعة الحال، فإما أن يجد الناس من يتقدم للقيادة وهو محب لهم وحريص على رعايتهم، فهو أمر متفهم أن يأمنوا له، وإما أن يكون جبارًا فيسلمون له مكرهين، وهو ما قد يكون متفهَّمًا وداعيًا للشفقة والأسى، أما أن يسلم الناس بإرادتهم لبطش السلاطين فهو اللغز، وهو غالبًا رجل واحد مهما أوتي من قوة، غير أن كثيرًا من الطغاة لم يكونوا أقوياء، بل جبناء رعاديد لا رصيد لهم من الحروب والقتال والشجاعة، ولم يكونوا ليملكوا ذرة من القوة ما لم يسلم لهم الشعب رقبته، ولم يكن لهم أن يزدادوا في بطشهم لولا سكوت الناس عنهم، فماذا يبرِّر الخضوع لمثل هؤلاء سوى أن الناس يريدون ذلك، هم اختاروا أن يكونوا عبيدًا بإرادتهم!
ولو أن لهذا الطاغية أتباعًا واصطفوا لقتال الخارجين عليه، فتقاتل جيشٌ من أتباع الطاغية وآخر ممن يقاتلون في سبيل حريتهم فمن يكون الأكثر استماتة وعزمًا وشجاعة، ولمن يكون النصر؟
الفكرة من كتاب مقالة في العبودية المختارة
كيف تحمَّل الناس الخضوع لطغيان الملوك وتسليم رقابهم إليهم، كيف لواحد من البشر أن يذل مئات الآلاف دون أن يقدروا عليه، وهل كنا لنصدق مثل هذا ما لم نكن شهدناه بأعيننا؟
يحاول الكاتب الوصول إلى إجابات أسئلته وبحث أسباب استكانة الشعوب للطغاة، والحيل التي يمارسها الطغاة لفرض سلطانهم على عوام الناس، مستعينًا بمشاهداته وقراءاته التاريخية من خلال المقالة التي كتبها في بدايات شبابه ولم تُنشَر إلا بعد موته.
مؤلف كتاب مقالة في العبودية المختارة
إتيان دو لابويسي Étienne de La Boétie: كاتب وشاعر وقاضٍ فرنسي، ولد عام 1530 في مدينة سالارت، نشأ في عائلة من القضاة، درس الإنسانيات، والنصوص القديمة، ثم حصل على شهادة الحقوق في جامعة أورليان، وعُيِّن مستشارًا في البرلمان بقرار من الملك هنري الثاني وهو في الثالثة والعشرين قبل عامين من بلوغه السن القانونية لهذا المنصب، توفي عام 1563 وهو في الثانية والثلاثين إثر مرضه.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
The will to bondage
Discours de la servitude volontaire