الأديان الآسيوية
الأديان الآسيوية
لا شك أن الإنسان هو صانع الحضارة ثم هي تصنعه بعد ذلك وتؤثر فيه، ولكن ما حدث في آسيا قد يصعب تفسيره، إذ إن الإنسان الآسيوي نشأ على ضفاف الأنهار كما نشأ المصري، ورغم ذلك فإن هناك اختلافًا بينهما، وسببه راجع إلى أن الجنس البشري الواحد تختلف أمزجته وتكويناته النفسية وفقًا لكل سلالة بما تحمله في ثناياها من رؤية كامنة وسابقة على الوجود الإنساني.
والحق -عند الدكتور يوسف إدريس- أنه كما كانت فلسطين مهبط الديانات في منطقتنا العربية، فإن الهند كانت كذلك في آسيا، وتعد الهندوكية الديانةَ الأم التي انبثقت عنها الأديان والفلسفات الأخرى في آسيا كالبوذية وديانة “الزن”، وبالمناسبة لا تزال هذه الأديان قائمة هناك، ولكن ما نلاحظه أنها في غاية التعقيد والتركيب مقارنةً بجوهر أدياننا المستساغ فهمه حتى للطفل.
وتقوم فكرة الحياة والموت والخلق عند الهندوكية على أبدية العالم -تقريبًا- فهو يوجد ويفنى وتتكرر العملية وفق ما يجريه الإله “فيشنو” و”براهما” وصولًا إلى الإله “براهمان” بعد زمن سحيق، وعلى الرغم من اختلاف الطوائف الهندوكية في تفاصيل كل ذلك؛ فإنها ترى الحياة كلها على أنها عبء يتحمله الإنسان فيموت ويُخلق من جديد، فيما يُعرف عندهم بتناسخ الأرواح، حتى يصل الإنسان الصالح إلى مرحلة الخلاص أو الإفراج “الموكشا” بعد حيوات كثيرة عاشها، وهو ما يدل على تقديسهم الموت واهتمامهم بما بعده.
ولو دققنا النظر لوجدنا تناسب إمدادهم لعمر الإنسان وإدخاله في تكرارات حياتية بالتناسخ مع ما لا نهاية الكون التي اعتقدوها، لذلك فإنهم لا ينفرون من الموت بل يتقربون إليه، لأن لا أحد يحب تحمل عبء الحياة للأبد ومن ثم يعمل صالحًا، لينجو من الحياة إلى الفناء التام، بخلاف عالمنا نحن -كما يرى الكاتب- أن الإنسان أصبح يحاول استغلال عمره المحدود في كل متع الحياة قبل أن يلاحقه الموت فجاةً وهو لا يعرف أيطول عمره أم يقصر؟!
الفكرة من كتاب اكتشاف قارة
مقدِّمة
في رحلة الدكتور يوسف إدريس إلى آسيا لحضور أحد المؤتمرات والتعرف على ثقافة المنطقة وحضارتها كتب هذا الكتاب ناقلًا لنا مشاهد تلك القارة وخصائصها وطباعها وشخصية أهلها، وهو على ذلك يعقد مقارنات بينها وبين الشرق الأوسط والغرب، فلا يتحدث عن معالم الأمكنة والمزارات بل عن الإنسان نفسه؛ فيمزج التاريخ بالحاضر ليتنبأ لنا بالمستقبل.
مؤلف كتاب اكتشاف قارة
يوسف إدريس (1927- 1991): روائي وكاتب وصحفي مصري، درس الطب وعمل طبيبًا بقصر العيني، ثم صحفيًّا بجريدة الجمهورية ثم بالأهرام، حصل على وسام الجمهورية 1963م، وله رحلات إلى مختلف بلدان العالم.
ألف العديد من الكتب، ومن أبرزها:
البطل.
نيويورك 80.
شاهد عصره.
أرخص ليالي.
أهمية أن نتثقف، يا ناس.