عصر آسيا: رحلة لقلب إنسان
عصر آسيا: رحلة لقلب إنسان
لا يعرف عالمنا العربي الكثير عن آسيا إلا ما يتلقاه من أقصوصات منثورة في الصحف والمجلات، لا سيما ما يخص الكوارث والمعارك التي تحدث هناك، وبالطبع لا نعرف عن الهند إلا غاندي وبضع شخصيات أخرى والأفلام الهندية! كما أن أقصى ما نعرفه عن اليابان لا يتعدى حادث القصف النووي لهيروشيما وناجازاكي بقنبلتين ذريتين. تلك القارة التي يعيش فيها أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية، وتضم بلادًا كالهند والصين وباكستان واليابان والصين وسنغافورة وإندونيسيا وفيتنام وكوريا وماليزيا وغيرها.
يصف يوسف إدريس رحلته تلك بأنها رحلة لقلب الإنسان الآسيوي، لا إلى المكان ومعالمه بذاتها، وإنما هي رحلة إلى ذلك الإنسان صانع المجد الذي ناطح الدول العظمى كأمريكا بصناعته وتطوره في اليابان، وقام من الموت الحضاري بعد أن عصفت به الهزيمة، رحلة إلى الإنسان صاحب البطولات في فيتنام والثائر في الصين، إذ تكشف الرحلة عن ماهيته وطبيعته وحاله الاجتماعي، وليس الهدف من الرحلة ذلك الإنسان الآسيوي فحسب، بل إن الهدف الأكبر والأهم دائمًا في رحلات يوسف إدريس هو شعبه وبلده في الأساس، إذ تساعد تلك الرحلات على التعرف على الشعوب الأخرى فنراهم ويرونا ونستفيد من تجاربهم.
وعلى الرغم من أن الكاتب لم يشعر قطُّ باختلاف بين ملامح الآسيوي والمصري، بل يرجح أن ذلك التشابه يعود إلى الوجود التتاري في مصر في مرحلة ما من مراحل التاريخ، لكنه شعر باختلاف سحيق بين عالم الشرق الأوسط (الدول العربية) وعالم الشرق الأقصى (آسيا) الذي نشأ معزولًا عن باقي الحضارات إلا أنه سيحمل مشعل الحضارة والتقدم ويخرج من عزلته يومًا ما، ولا غرابة إذ إن ذلك العالم هو الذي خرجت منه فكرة فلسفية واحدة هزت أوروبا وأمريكا، ألا وهي الاشتراكية، ولعل ما جعل ذلك الإنسان الآسيوي يهزم أمريكا في فيتنام وغيرها أنه صاحب حضارة متأصلة فيه منذ قديم الزمان حتى وإن لبس الثياب الرثة وعاش فقرًا، فليست الحضارة كما يتصورها الغرب بأنها مادية محضة، فتلك حضارة من لا شيء سرعان ما تسقط أمام الحضارة الراسخة في النفوس والتاريخ.
الفكرة من كتاب اكتشاف قارة
مقدِّمة
في رحلة الدكتور يوسف إدريس إلى آسيا لحضور أحد المؤتمرات والتعرف على ثقافة المنطقة وحضارتها كتب هذا الكتاب ناقلًا لنا مشاهد تلك القارة وخصائصها وطباعها وشخصية أهلها، وهو على ذلك يعقد مقارنات بينها وبين الشرق الأوسط والغرب، فلا يتحدث عن معالم الأمكنة والمزارات بل عن الإنسان نفسه؛ فيمزج التاريخ بالحاضر ليتنبأ لنا بالمستقبل.
مؤلف كتاب اكتشاف قارة
يوسف إدريس (1927- 1991): روائي وكاتب وصحفي مصري، درس الطب وعمل طبيبًا بقصر العيني، ثم صحفيًّا بجريدة الجمهورية ثم بالأهرام، حصل على وسام الجمهورية 1963م، وله رحلات إلى مختلف بلدان العالم.
ألف العديد من الكتب، ومن أبرزها:
البطل.
نيويورك 80.
شاهد عصره.
أرخص ليالي.
أهمية أن نتثقف، يا ناس.