استقبالُ المولود
استقبالُ المولود
ها هو قد أقبل المولود، وجاء إلى النور وقد خرج إلى الحياة، إنها لحظات بها من المفارقات العجيبة ما لا يوجد في غيرها، يجتمع فيها القلق والفرح، يصرخ الطفل للدُّنيا وأهله حوله مسرورون لمجيئه، تتألَّم الأم في مخاضها لكنَّها تشتاق إلى هذا الطفل الصغير، إنها أجواء تُكسِب القلوب معاني لطيفة لا تتكرَّر.
وفي هذه اللحظات ضمنت الشريعة للطفل حقوقه، ففي ساعة الولادة يحسن للوالد التوجُّه إلى الله بالدعاء والذكر والشكر له سبحانه أن رزقه مولودًا صحيحًا خُلق سويًّا.
وإذا ما تمَّت الولادة كان من المُستحب الأذان في أذن المولود اليمنى ثم الإقامة في أذنه اليُسرى، لأن الشيطان يهرب من سماع الأذان، ويكون أول ما يسمعه الطفل كلمات التوحيد وتعظيم الله (عز وجل)، ومن السنن أيضًا التحنيك؛ وهي أن يأخذ الأب تمرة ثم يمضغها جيِّدًا فيأخذ منها بأصبعه ويُدلِّك بها فم المولود من الداخل، فالتحنيك يُحرِّك الدم ويُهيِّج غريزة البلع فيساعد ذلك على الرضاعة.
ويُسنُّ في اليوم السابع أن يُذبح عن الولد شاتان وعن البنت شاة وهذه هي العقيقة، والحكمة منها كما ذكر ابن القيِّم (رحمه الله): “أن الله قد جعل النسيكة لفكِّ رهانه من الشيطان الذي يعلق به من حين خروجه إلى الدُّنيا”، وكذلك من السنن الواردة في حق الطفل هو حلق رأسه وإخراج ما يُعادل وزن شعره من الذهب والفضَّة، وكل تلك الأمور يحصل البركة والأجر، وذلك بسبب اتباع السُّنَّة.
بل وحتى في التسمية، فقد حثَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) على التسمية الحسنة للمولود، فقال (صلى الله عليه وسلم): “من وُلِد له ولد فليُحسن اسمه وأدبه”، وذلك لأن التسمية لها أثرها في نفس صاحبها.
وفي الرضاعة يحرص الإسلام على أن تتم رضاعة الطفل رضاعة طبيعية، وذلك لأن أحاسيس الطفل تتشكَّل بين أحضان والدته، وقد أثبت الأبحاث أن الرضاعة الطبيعية لها فوائدها التي تؤثر في نمو الطفل نفسيًّا وجسميًّا.
الفكرة من كتاب تربية الطفل: حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية
جاءت الشريعة الإسلامية تحفظ حقوق كل شيء، وتضمن له ما يستحقُّه ليكون الكون منسجمًا طبيعيًّا يؤدي كل كائن فيه ما عليه، وممن حفظت الشريعة لهم حقوقهم؛ الطفل.. وذلك للأهمية القصوى في حفظ الإنسان، وبناء إنسان صحيح من الناحية العقدية والأخلاقية والاجتماعية والنفسية والبدنية، ليكون أفراد تلك الأمة مؤهلين لحمل الأمانة والسعي في الأرض لإصلاحها.
يعرض لنا هذا الكتاب الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية للطفل، والتي أوجبت فيها على المسؤول حفظها وعدم تضييعها، لينعم الطفل المُسلم بحياته وينشأ مُتزن النفس والشعور.
مؤلف كتاب تربية الطفل: حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية
رأفت فريد سويلم: كاتب تربوي وداعية إسلامي، له العديد من الكتب والمؤلفات من أبرزها:
صناعة الفقيه.
مؤدب الأطفال.
الإسلام وحقوق الطفل.