ادعاءاتُ التنميةِ الإنسانيةِ، والتشهيرُ بالمختلِف
ادعاءاتُ التنميةِ الإنسانيةِ، والتشهيرُ بالمختلِف
تكمنُ خطورةُ استخدامِ معيارِ “التنميةِ البشريةِ” فقط ؛ في أنَّه لا يراعي الجوانبَ الثقافيةَ والحضاريةَ والاقتصادية، كما يوحي بالإحاطةِ بكل جوانبِ الإنسان، وذلك غيرُ صحيحٍ إطلاقًا.
في عام 2002م، ظهرَ تقريرٌ خاصٌ بالبلادِ العربيةِ باسم “التنميةِ العربيةِ الإنسانيةِ”؛ الذي تضمن ثلاثةَ محاور:
الحرية
المعرفة
تمكينَ المرأة
هذا التقريرُ يحملُ الكثيرَ من اللَّبسِ والتضليل؛ لأنَّ من يقومُ ويشرفُ عليهِ يَضرِبُ عرضَ الحائطِ بالكثيرِ من القيمِ الإنسانيةِ السامية، ويحوّلها لمجردِ أرقامٍ مجرّدة.
فالحريةُ مثلًا لا تقاسُ فقط بعددِ المراتِ التي تذهبُ فيها للتصويتِ في برلمانٍ أو انتخابات.
أيضًا، المعرفةُ لا يمكنُنا أن نَقيسَها بالأرقام؛ لأنَّ جودةَ المعلوماتِ وصِحَّتَها هي أشياءُ يجبُ عدمُ إغفالها.
وبالنسبة للنقطةِ الثالثة، فبالطبعِ المرأةُ العربيةُ مقهورةٌ ومضطهَدة، ولكن من قالَ بأنَّ التطورَ الاقتصاديَّ لم يظلمِ المرأةَ ويضعْها تحتَ ضغوطٍ كبيرةٍ هو واهم؛ فتمكينُ المرأةِ من المالِ قد يؤدي لفقدانِها حريتٍّها بسبب العملِ الذي يتحكمُ بها، واستقلالُها من الزواجِ قد يحرِمُها من التمتعِ بأمومتها، ثم إنَّ التقريرَ يصوِّرُ أنَّ المرأةَ العربيةَ وحدَها مَن تعاني الظلم، وليسَ معظمُ نساءِ العالم.
مشكلةُ تلكَ الادعاءَاتِ وتلك التقاريرِ والبرامجِ أنّها تَظهر كحملات تشهيرٍ وإذلالٍ للعرب؛ فتَذْكُرُ الأرقامَ بمعزلٍ عن ظروفِها ومسبّباتِها، أيضًا تغييبُ حقائقَ ومسبباتٍ حقيقيةٍ عن الصورةِ الكاملة؛ لأنها دليلُ إدانةٍ ضدَ القوى المسيطرةِ على العالم؛ فلا تجد مثلًا تفسيرًا لغزوِ العراقِ وفضائحِ سِجنِ أبوغريب، أو حتى الحقِ المشروعِ للشعبِ الفلسطيني في استردادِ أرضٍه.
الفكرة من كتاب خرافةِ التقدمِ والتخلف
يُسلِّطُ كتابُ “خرافةِ التقدمِ والتخلّف” الأضواءَ على أفكارٍ قد نرى بأنها مسلّمات، ويُطلبُ منا أن ننظرَ ونفكرَ فيها بشكلٍ منطقيٍّ لنتأكَّدَ بأنها مجردُ خُدَعٍ وتضليلٍ سياسيٍ وإعلامي.
الحداثةُ -على سبيل المثال- لا تعني بالضرورةِ الإصلاح، فالكثيرُ من المصطلحاتِ التي تَصِفُ الحداثة تَحملُ في طَيَّاتِها معانٍ سلبية.
كما أن وَصْفَ أمّةٍ كاملةٍ بأنها أمةٌ متقدمةٌ أو متخلفةٌ؛ لهو حكمٌ خاطئ؛ لأنَّ التقدمَ والتخلفَ عادةً ما يشملُ جانبًا من جوانبِ الحياةِ، وليس عمومَها.
مؤلف كتاب خرافةِ التقدمِ والتخلف
جلال الدين أحمد أمين، هو عالمُ اقتصادٍ وكاتبٌ مصريٌ بارز؛ من أشهرِ مؤلفاتِه كتاب “ماذا حدث للثقافة في مصر؟ ” الذي يشرح التَّغيُّرَ الاجتماعيَّ والثقافيَّ في حياةِ المصريين، خلال الفترةِ من ١٩٤٥م إلى ١٩٩٥م، والذي يرتبط بظاهرة الحَرَاكِ الاجتماعي
كما أنّ له ُ العديدَ من الكتب، منها:
كتاب “خرافةُ التقدمِ والتأخرِ”
الذي يثيرُ فيه شكوكًا كثيرةً عن صحةِ الاعتقادِ بفكرةِ التقدمِ والتخلف، وفيما إذا كانَ من الجائزِ وصفُ دولٍ أو أممٍ أنها متقدمة، وأخرى أنها متخلفةٌ أو متأخرة.
كتاب “عصرُ الجماهيرِ الغفيرة”
الذي يتناولُ فيه جوانبَ تطورِ المجتمعِ المصريِّ خلالَ الخمسينَ سنةً الأخيرة في مجالات: الصحافةِ، الاقتصادِ، الثقافةِ، التليفزيون، السوبر ماركت والسياحة، الأزياء والحب، والعلاقةِ بين الدينِ والدنيا.