الإعلامُ وثقافةُ الانشقاق
الإعلامُ وثقافةُ الانشقاق
يؤكدُ الكاتبُ أنّ طبقةَ رجالِ الأعمال، والنخبةَ المتخصصةَ في بناءِ القراراتِ، تحاولِ بكلِ جُهدِها زرعَ ما يسمى ب”العقلِ العام”، وإجهاضَ أيّةِ فكرةِ تنظيمٍ شَعبَويِّ يدافعُ عن حقوقِه، فعامَّةُ الشعبِ يجبُ حرمانُهم من أيةِ صورةٍ من صورِ التنظيم؛ لأن التنظيمَ يثيرُ المشكلات.
اهتم “نُعوم تشومسكي” بالحديثِ عن ثقافةِ الانشقاق، على الرُغم من الدِعايا والمحاولاتِ الكثيرِةِ للسيطرةِ على التفكيرِ وصناعةِ الرأي؛ فإن هناكَ رغبةٌ وقدرةٌ لدى المجتمعاتِ، على إنشاءِ تنظيماتٍ شعبويةٍ غيرِ رسمية، لها منظورُها الخاصُ والمنطقُ في التحليلِ تجاهَ الأمور، لكن تبقى تلك الجهودُ بدائية، كما أنها ما زالت تُواجَهُ بالتنظيمِ القويِّ الذي يتحكمُ به رجالُ السلطةِ، ممن يملِكونَ كلَّ الوسائل؛ ومنها وسائلُ الإعلام.
كما يؤكدُ على عمليةِ تصنيعِ الإجماعِ، وأنها ليست عمليةً سهلة، وتتطلبُ الدقةَ في انتقاءِ التصور، واستندَ إلى مجموعةٍ من المُعطَيَات التاريخيةِ، للتأكيدِ على الكيفيةِ التي تناولَ بها الإعلامُ، قضيةَ التعذيبِ والاحتلالَ غيرِ الشرعيِّ وانتهاكَ حقوقِ الإنسان، وكيف تُعدُّ الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ الناطقَ باسمِ ثقافةِ حقوقِ الإنسانِ والمرسّخَةَ لها؛ على الرغم من أنّها تَغضُّ الطَرْفَ عن جَرائمَ ومذابحَ ضد الإنسانية، كانت طرفًا رئيسيًّا فيها.
الفكرة من كتاب السيطرةُ على الإعلام
يتناولُ الكتابُ دورَ الإعلامِ في السيطرةِ على الشعوب عن طريقِ صناعةِ الأخطار، وكيف تجعلُ البروباجندا العامةَ من الناس، تنساقُ وراءَ إملاءاتِ السلطةِ الحاكمة؛ لتتحولَ هذه الشعوبُ -مع الوقتِ- إلى دُمىً ساكنةٍ تكتفي بالمشاهدةِ فقط، لا تتفاعلُ مع ما يحدث حولها.
كما يستعرضُ الكاتبُ أيضًا، كيف يستطيعُ الإعلامُ القادرُ تغييرَ الأنظمةِ وإشعالَ الحروبِ، عن طريقِ الترويجِ لأخبارٍ كاذبةٍ لا أساسَ لها من الصحةِ؛ ليُشكِّلَ بها ما يشبهُ الصدمةَ الكبرى، التي تجعلُ المتلقي على استعدادٍ كاملٍ، لتصديقِ أيِّ شيءٍ يُعرضُ عليه.
مؤلف كتاب السيطرةُ على الإعلام
أفرام نعوم تشومسكي؛ أستاذُ لسانياتٍ وفيلسوفٌ أمريكي، وعالمٌ إدراكيٌ وعالمٌ بالمنطق، ومؤرخٌ وناقدٌ وناشطٌ سياسي.
ولد في السابعِ من ديسمبر 1928م ، في فيلادلفيا، بِنسِلفانيا، ويُعد من أبرزِ الفلاسفةِ والمثقفينَ في العصرِ الحديث، وهو أحدً مؤسسي مجالِ العلومِ المعرفية.
كتبَ “تشومسكي” عن الحروبِ والسياسةِ ووسائلِ الإعلام، وهو مؤلفٌ لأكثرِ من 100 كتاب، ولقبَ بـ”أبِ اللغوياتِ الحديثة”، يمكنُ وصفُ سياسةِ كتاباتِه الخاصةِ على نحوٍ واسعٍ أنها فوضويةٌ واشتراكيةٌ تحررية.