المجتهد في المذهب
المجتهد في المذهب
يأتي المجتهد في المذهب في المرتبة التالية بعد المجتهد المطلق، وهو المقلد لإمامه في المسائل التي له قول فيها، كما يجب عليه أن يعرف قواعد إمامه وما بنى عليه مذهبه، بحيث إذا وقعت حادثة ليس لإمامه فيها قول، قام بالاجتهاد على مذهب إمامه، وتخريجها من أقواله وعلى منواله.
ويجب على المجتهد في المذهب أن يكون عالمًا بالسنن والآثار، حتى يتجنَّب مخالفة الحديث الصحيح، وإجماع السلف؛ فلا ينبغي له أن يُفتي الناس قبل أن يعرف أقاويل العلماء، ويعلم أدلتهم، كما يجب عليه أن يكون عارفًا بمعاملات الناس، بحيث يُفتي من خلال النظر إلى عادة أهل بلده بما يناسب زمانه فيما لا يخالف الشريعة.
وفي حالة أن يكون عارفًا بأقاويل العلماء، ولا يعلم مذاهبهم، وسئل عن مسألة يعلم أن العلماء قد أجمعوا عليها، فله أن يقول: هذا جائز، وهذا لا يجوز، وفي حال كانت المسألة المعروضة عليه قد اختلفوا فيها، فله أن يقول: هذا جائز في قول فلان، وفي قول فلان لا يجوز، ويكون قوله هذا على سبيل “الحكاية”، فليس له أن يختار بالترجيح بين القولين ما لم يعرف أدلتهم وحجتهم، وإذا لم يكن من أهل الاجتهاد، فلا يحل له أن يفتي إلا بطريق الحكاية، وذلك من خلال عرض الأقوال على طالب الفتيا دون ترجيح فيما بينها.
الفكرة من كتاب عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد
أصبح موقف الناس من علماء الدين بين إفراطٍ وتفريطٍ، فقد نجد البعض يطعن في العلماء وأهل العِلم بالسب والقذف، والتقليل من شأنهم وعدم حفظ أي مقام لهم، والبعض الآخر على النقيض أخذ يُعظِّم العلماء، ويمنع توجيه النقد إليهم، كما دعوا إلى تقليدهم تقليد الجامد على موروثه، فأنزلوهم منزلة المعصومين من الخطأ، وكلٌّ من الفريقين قد أخطأ الدرب، وجانب الصواب، ولكن الحق والصواب أن نُجلَّ العلماء ونحفظ لهم قدرهم، وليس معنى الإجلال للعالِم أن نوالي من والاه، ونعادي من عاداه، فذلك لا يكون لأحدٍ غير رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد
شاه وليُّ الله الدهلوي الهندي، من العلماء المجدِّدين في القرن الثامن عشر الميلادي، قام بإحياء علوم الكتاب والسنة النبوية، وكتب فيها كتبًا عديدة منها: كتابا “الفوز الكبير في أصول التفسير”، و”شرح تراجم أبواب البخاري”، كما حارب الجمود والتقليد الذي ساد عصره، وألَّف في ذلك عدة كتب، منها: “عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد”، وقام بالتجديد الفكري والعلمي، وألف في ذلك كتبًا منها: “حجة الله البالغة”، و”البذور البازغة”.