أهمية المذاهب الأربعة
أهمية المذاهب الأربعة
إن في الأخذ بالمذاهب الأربعة منفعة عظيمة، وفي تركها مفسدة كبيرة، فقد أجمعت الأمة على أن يعتمدوا على السلف في معرفة الشريعة، فالتابعون اعتمدوا في ذلك على الصحابة (رضوان الله عليهم)، وتابعو التابعين اعتمدوا على التابعين، وهكذا، فكل طبقة من العلماء اعتمدت على من قبلها، والعقل يُؤيد حُسن ذلك المأخذ، فالشريعة لا تُعرف إلا بالنقل والاستنباط، فلا يستقيم النقل إلا بأن تأخُذ كل طبقة عمَّن قبلها بالاتصال، ولا يصح الاستنباط إلا بمعرفة مذاهب المتقدمين حتى لا يتم الخروج عنها، فيُخرق الإجماع.
بالإضافة إلى أنه لمَّا طال الزمان وبعُد العهد، وضُيِّعَت الأمانات، لم يجُز أن يُعتمد على أقوال علماء السوء من القضاة الظالمين والمفتين الخاضعين لأهوائهم، كما لا ندري هل هذا الذي يدَّعي العلم قد جمع شروط الاجتهاد أم لا؟
وليس معنى ذلك أن يتعصَّب كل مقلد لمذهب إمامه، ويتبعه في كل ما قال كأنه نبي لأن ذلك نأيٌ عن الحق وبُعد عن الصواب، فالعاميُّ الذي يقلد أحدًا من الفقهاء بعينه، معتقدًا أنه لا يقول إلا الصواب، وأضمر في قلبه ألا يترك تقليده وإن ظهر الدليل على خلافه، فإنه يصدق فيه قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، وقال النبي عن تلك الآية: “إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا شيئًا استحلوه، وإذا حرموا شيئًا حرَّموه”.
الفكرة من كتاب عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد
أصبح موقف الناس من علماء الدين بين إفراطٍ وتفريطٍ، فقد نجد البعض يطعن في العلماء وأهل العِلم بالسب والقذف، والتقليل من شأنهم وعدم حفظ أي مقام لهم، والبعض الآخر على النقيض أخذ يُعظِّم العلماء، ويمنع توجيه النقد إليهم، كما دعوا إلى تقليدهم تقليد الجامد على موروثه، فأنزلوهم منزلة المعصومين من الخطأ، وكلٌّ من الفريقين قد أخطأ الدرب، وجانب الصواب، ولكن الحق والصواب أن نُجلَّ العلماء ونحفظ لهم قدرهم، وليس معنى الإجلال للعالِم أن نوالي من والاه، ونعادي من عاداه، فذلك لا يكون لأحدٍ غير رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد
شاه وليُّ الله الدهلوي الهندي، من العلماء المجدِّدين في القرن الثامن عشر الميلادي، قام بإحياء علوم الكتاب والسنة النبوية، وكتب فيها كتبًا عديدة منها: كتابا “الفوز الكبير في أصول التفسير”، و”شرح تراجم أبواب البخاري”، كما حارب الجمود والتقليد الذي ساد عصره، وألَّف في ذلك عدة كتب، منها: “عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد”، وقام بالتجديد الفكري والعلمي، وألف في ذلك كتبًا منها: “حجة الله البالغة”، و”البذور البازغة”.