بيان سبب اختلاف المجتهدين
بيان سبب اختلاف المجتهدين
الاختلاف بين المجتهدين على أربعة أقسام: أولها- ما تعين فيه الحق قطعًا، وخلافه باطل يقينًا، كوجود نص صريح معروف عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، فكل اجتهاد يخالف النص فهو باطل؛ وثانيها- ما تعين فيه الحق بغالب الرأي، وخلافه باطلٌ بالظن؛ كموت أو حياة فلان من الناس، فالحق هنا واحد، وثالثها- ما كان كلا طرفي الخلاف مُخيرًا فيه بالقطع؛ كأن يكون المأخذان متقاربين وليس أحدهما بعيدًا عن الأذهان فيكون المجتهدان مصيبين، ورابعها- ما كان كلا الطرفين مخيرًا فيه بغالب الرأي، كرجلين قيل لكلٍّ منهما أعطِ كل فقير تجده جنيهًا، فيجتهد كلٌّ منهما في تتبع قرائن الفقر، فيكون كلاهما مصيبًا.
ومعظم اختلافات الفقهاء يكون مرجِعُها إلى: أن يكون أحدهما قد بلغه حديث النبي (صلى الله عليه وسلم)، والآخر لم يبلغه، والمصيب ههنا هو من بلغه الحديث، أو أن يكون عند كل واحد من الفقهاء مجموعة من الأحاديث والآثار متخالفة، ويجتهد كلٌّ منهما في ترجيح بعضها على بعض، فيؤدي اجتهاد كلٍّ منهما في ترجيح بعضها على بعض إلى وجود اختلاف بينهم، أو أن يختلفوا في تفسير الألفاظ وحدودها الجامعة المانعة وغير ذلك، أو أن يكون الاختلاف أصوليًّا نتجَ عنه اختلاف في الفروع، فيكون المجتهدان مصيبين إذا كان مأخذاهما متقاربين.
الفكرة من كتاب عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد
أصبح موقف الناس من علماء الدين بين إفراطٍ وتفريطٍ، فقد نجد البعض يطعن في العلماء وأهل العِلم بالسب والقذف، والتقليل من شأنهم وعدم حفظ أي مقام لهم، والبعض الآخر على النقيض أخذ يُعظِّم العلماء، ويمنع توجيه النقد إليهم، كما دعوا إلى تقليدهم تقليد الجامد على موروثه، فأنزلوهم منزلة المعصومين من الخطأ، وكلٌّ من الفريقين قد أخطأ الدرب، وجانب الصواب، ولكن الحق والصواب أن نُجلَّ العلماء ونحفظ لهم قدرهم، وليس معنى الإجلال للعالِم أن نوالي من والاه، ونعادي من عاداه، فذلك لا يكون لأحدٍ غير رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد
شاه وليُّ الله الدهلوي الهندي، من العلماء المجدِّدين في القرن الثامن عشر الميلادي، قام بإحياء علوم الكتاب والسنة النبوية، وكتب فيها كتبًا عديدة منها: كتابا “الفوز الكبير في أصول التفسير”، و”شرح تراجم أبواب البخاري”، كما حارب الجمود والتقليد الذي ساد عصره، وألَّف في ذلك عدة كتب، منها: “عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد”، وقام بالتجديد الفكري والعلمي، وألف في ذلك كتبًا منها: “حجة الله البالغة”، و”البذور البازغة”.