اخرج من دائرة الراحة
اخرج من دائرة الراحة
من أجل أن تصنع إنجازًا في حياتك يبقى بعد مماتك عليك أن تعتاد التعب، وتبني نهج النمو وتنمية المهارات طوال عمرك، وإن كنت ترفض أن تعيش الحياة العادية الرتيبة فلا بدَّ من أن تخرج من منطقة راحتك، وإن لم يراقب الإنسان نفسه ويضع خطة لتطوير مستمر لا يتوقَّف، فسيجد نفسه يبحث عن تحقيق اللذة العاجلة والراحة الآنية، لأن الإنسان في الأصل يبحث عن تجنُّب الألم ويفضل أن يبقى مستريحًا، وعليه إن أراد التفوق أن يتحدَّى تلك الغريزة البيولوجية، فعليه أن يستمر في تقديم أفضل ما لديه، ولا يبخل بأي مجهود.
ثمة عقبات تشيدها رغبة المرء في أن يظل مستريحًا، وعليه إن أراد أن يحسِّن من أدائه، أن يقول لها كلمة “لا”، وأن يرفضها بكل قوة، ومن هذه العقبات الخوف من الإيذاء، ظنًّا منه أن أي تجربة جديدة سيخوضها ربما يتعرَّض فيها للأذى ومن ثم يؤثر السلامة، ومنها أن يظن أن التغيير يهدد هويته، ومن ثمَّ يعيش في وهم الحصانة خوفًا من إخفاق محتمل إذا جرَّب شيئًا جديدًا، ومنها حب الاستقرار والخوف من الإقدام، ومنها أن يتخيَّل أنه مسيطر على حياته في وضعه الحالي، ومن ثَم لا داعي للخوض في مساحات وتجارب جديدة لا يستطيع فيها فرض إرادته.
وعلى المرء أن يستجمع شجاعته وأن يخاطر ولا يهاب، وأن يلقي نظرة على ما مضى من حياته ليكتشف أن اللحظات التي يفخر بها هي اللحظات التي تجاوز فيها حدود منطقة الراحة سعيًا وراء هدف جديد، ومن ثم يعاود الإقدام على مناطق أخرى ولا يسمح لدائرة الراحة أن تجذبه ليظل محصورًا ومحاصرًا في دائرة الرضا بالقليل ومربع الإسهام المتدني.
الفكرة من كتاب مُت فارغًا
في عام 2009 فقدت فتاة تُدعى كاندي شانج شخصية مقربة منها بشكل مفاجئ، كانت بمنزلة أُمٍّ لها، ومن ثم بدأت تفكر في معاني الموت والحياة، وفي الطريقة المثلى التي يمضي بها الإنسان عمره ليخرج أفضل ما بداخله ويستثمر طاقاته وقدراته، وبمساعدة أصدقاء لها صنعت سبورة كبيرة على بيت مهجور، وكتبت عليها عبارات “قبل أن أموت أريد أن…”، وتركت فراغًا ليكمله كل من يمر على السبورة، وكانت النتيجة مذهلة، إذ بدأ المارة يكتبون رغباتهم وأحلامهم، فهناك من يسعى للسفر إلى مكان ما، وآخر يود أن يصبح مُغنيًا فيسمعه الملايين، وثالث يود أن يؤلف كتابًا.
والسؤال الذي لا بدَّ للمرء أن يوجهه إلى نفسه؛ ماذا تود أن تفعل قبل موتك؟ ما الهدف والغاية التي تستثمر بها طاقاتك وتخرج بها أفضل ما عندك؟ فكم من آلاف الطموحات والأفكار التي لم تنفذ، وملايين الاختراعات التي لم يعمل أحد على تحقيقها، وعشرات الأحلام التي تخلى عنها أصحابها سعيًا وراء لقمة العيش حتى لقمتهم الأيام ولفظتهم الدنيا إلى القبور!
مؤلف كتاب مُت فارغًا
تود هنري Todd Henry: كاتب ومحاضر، مهتم بمسائل وقضايا التطوير والإبداع والإنتاجية، ومساعدة الأفراد والمؤسسات على توليد الأفكار المبتكرة، وقد صدر له عدة كتب في هذا المجال، حملت عناوين “أعلى صوتًا من الكلمات Louder than Words”، و”مبدعٌ بالصدفة The Accidental Creative”، و”ترويض النمور Herding Tigers”، و”شفرة التحفيز The Motivation Code”، والكتاب الذي بين أيدينا وهو الوحيد المترجم من بين كتبه “مُت فارغًا Die Empty” .