كنوز
يملك الانطوائيون كنوزًا كثيرة، ولديهم قدرة على تحقيق نجاحات كبيرة، نحرمهم ونحرم من حولهم منها حين نعيبهم ونجبرهم على تبديل طباعهم وعلى تمثيل ما ليس فيهم.
ومن تلك الكنوز أن معظمهم لا يتأثر كثيرًا بأفكار المجتمع وآرائه، وأن لديهم القدرة على تأمل المواقف والأحداث من خارج الدائرة، يجيدون النظر في الأمور بمعزل عن التقاليد والعادات والبديهيات، ويميزهم كذلك حبهم للتأمل وتركيزهم مع التفاصيل، ويمنحهم ذلك قدرة على حلِّ المشكلات بحلول إبداعية.
لدى الانطوائيين أيضًا صبرٌ على العُزلة، مما يجعلهم أكثر صبرًا من غيرهم على قراءة الكتب الطويلة وعلى التعلم العميق، ويجعلهم أكثر انهماكًا في الأعمال التي يحبونها، مما يمنحهم فرصةً أكبر للإبداع سواءً في الكتابة والتأليف أو رسم اللوحات أو حتى وضع النظريات العلمية.
وكثيرٌ من الشخصيات عبر الزمن هي مثالٌ للانطوائي الذي نجح بسماته الانطوائية وليس رغمًا عنها، ومنهم نيوتن الذي لم يكن ليضع قوانينه لولا تأمله العميق، وأينشتاين الذي يقول: “كن وحيدًا، فهذا يعطيك وقتًا للتأمُّل، يعطيك وقتًا للبحث عن الحقيقة، ويجعل حياتك ذات معنى”، وجورج أورويل الذي كتب روايته الشهيرة “1984” في حالةٍ استثنائية من العُزلة، وفان جوخ، وفي العربِ العقَّاد الذي تزخر المكتبات بمؤلفاته في مجالات متنوِّعة، وتظهر ثقافته وموسوعيته في كتاباته، ويقول عن نفسه: “لقد ورثت طبيعة الانطواء عن أبي وأمي، فلا أملُّ الوَحدة وإن طالت، إني أقضي بمفردي أيامًا والناس لا تقدر على قضاء ساعاتٍ أو لحظات، ولكنني أشغل وَحدتي بالقراءة والكتابة، وإذا كنت في عزلة وانطواء عن المناسبات، فإني لست في عزلةٍ عن أصدقائي وإخواني”، وفي زمنٍ أقرب نجد عالم الاجتماع المصري عبد الوهاب المسيري الذي اعتزل الناس كثيرًا في شبابه ليخرج لنا بموسوعته الشهيرة عن الصهيونية، وأيضًا غازي القصيبي الأديب والدبلوماسي السعودي؛ تظهر مذكراته وحواراته حبه للعزلة الذي أثرى أعماله الأدبية ولم يعُقه عن أداء عمله سفيرًا ووزيرًا، وغيرهم الكثير.
الفكرة من كتاب هارون أخي
ما الانطوائية؟ وكيف تشكَّلت نظرتنا الحالية المغلوطة تجاهها؟ ما مميزاتها؟ وكيف نحسن التعامل معها؟ يقدِّم لنا هذا الكتاب إجابات عن هذه التساؤلات وغيرها، إذ وجد مؤلفه حاجة المجتمع العربي إلى ذلك، مستعينًا بما قرأه في كتاب “الهدوء: قوة الانطوائيين” لسوزان كين، وبأحاديثه مع الانطوائيين.
مؤلف كتاب هارون أخي
عبد اللطيف خالد القرين: كاتبٌ ومهندس مدني سعودي، يحمل ماجستير الإدارة الهندسية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
ومن أبرز كتبه:
غَزَلته امرأة.
الخَلطة الجامعية.