ليست مشكلة
ليست مشكلة
بدايةً، الانطوائية ليست مرضًا أو سلوكًا خاطئًا، وإنما نمط شخصية مثل الاجتماعية أو الانبساطية، لكلٍّ منهما نقاط قوة ونقاط ضعف، ولا يمكننا القول إن الاجتماعي أفضل من الانطوائي أو العكس، فعلى كلٍّ منهما أن يحسِن استثمار طباعه وألا يحاول تبديلها، وستكون الانطوائية أساس حديثنا هنا لما تواجهه من رفض عمومًا وفي مجتمعاتنا خصوصًا، لكن قبل أن نبدأ سنؤكد بعض الأمور: لا يوجد شخصٌ انطوائي أو اجتماعي مائةً بالمائة، بل يميلُ كل شخص إلى بعض السمات أكثر من الأخرى، وبعض الناس معتدلو المزاج، وقد يختلف طبع الشخص باختلاف المكان الذي يوجد فيه أو باختلاف الناس الذين يجالسهم، وشخصيات الناس أكثر تركيبًا وتعقيدًا من أن نصنفهم إلى فريقين فقط: اجتماعيين (extoverts) وانطوائيين (introverts)، لكن الباحثين والعلماء يعتمدون هذا التصنيف ليسهل عليهم البحث، وهذا ما سنسير عليه هنا ليسهل علينا الفهم.
حين تسمع كلمة انطوائي تتبادر إلى ذهنك صورة شخص يحب العُزلة والهدوء ويُفضل الانشغال بهواياته كالقراءة والرسم والتأمل، على عكس الاجتماعي الذي يفضِّل قضاء وقته مع الآخرين ومشاركتهم في الحفلات والاجتماعات، وهذه الصورة قريبة جدًّا من تعريفات علماء النفس، وأحيانًا تكون الانطوائية أو الاجتماعية صفةً وراثية، تتأثَّر لاحقًا ببعض الظروف، وهذا ما أثبتته دراسة لعالم النفس كاجان على مواليد في عمر أربعة أشهر، فكانت استجابات بعضهم لأشياء كأصوات الغرباء أكثر انفعالًا من الآخرين بدرجة كبيرة وظهر على معظمهم حين كبروا سمات الشخصية الانطوائية.
الانطوائي يفضل أن يعيش مع عالم الأفكار والمشاعر في داخله، ويهتم كثيرًا بالتفاصيل، ولا يقدم على تجارب جديدة، أما الاجتماعي فيعيش اللحظة ويندمج مع الناس والأنشطة في العالم الخارجي أكثر. الانطوائي يشحن طاقته حين يكون وحده مختليًا بنفسه، أما الاجتماعي فيشحن نفسه بالاحتكاك بالناس وبالأنشطة الاجتماعية، وهذا أمرٌ جدير بالاهتمام، فهمه ضروري لئلا نحرم أحدًا شواحن نفسه، قد تكون العُزلة مؤشرًا لمشكلة إن انعزل شخص اجتماعي عن الناس الذين يشعر معهم بالسعادة عادةً، أما من يسعد بعزلته ويستثمرها فلا ينبغي لنا أن نجره جرًّا إلى الاجتماعات والحفلات، وأن نجبره على سلوك الاجتماعيين، فعدد الصداقات ليس مؤشرًا للصحة النفسية!
الفكرة من كتاب هارون أخي
ما الانطوائية؟ وكيف تشكَّلت نظرتنا الحالية المغلوطة تجاهها؟ ما مميزاتها؟ وكيف نحسن التعامل معها؟ يقدِّم لنا هذا الكتاب إجابات عن هذه التساؤلات وغيرها، إذ وجد مؤلفه حاجة المجتمع العربي إلى ذلك، مستعينًا بما قرأه في كتاب “الهدوء: قوة الانطوائيين” لسوزان كين، وبأحاديثه مع الانطوائيين.
مؤلف كتاب هارون أخي
عبد اللطيف خالد القرين: كاتبٌ ومهندس مدني سعودي، يحمل ماجستير الإدارة الهندسية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
ومن أبرز كتبه:
غَزَلته امرأة.
الخَلطة الجامعية.