علاقات موطدة
علاقات موطدة
كثيرًا ما ارتبط الكوليسترول في أذهاننا بالعديد من الأمراض المزمنة، ونحاول في هذا الفصل توضيح أكثرها شيوعًا.
يعاني مريض السكري من عدم مقدرة جسده على استهلاك سكر الجلوكوز بشكل طبيعي بسبب نقص أو غياب الأنسولين، ما يؤدي إلى تراكمه في الدم وارتفاع مستواه مؤديًا إلى متاعب ومضاعفات أخرى، هذا الخلل الحادث في حرق المواد الكربوهيدراتية (السكريات والنشويات) يترتَّب عليه خلل بتمثيل المواد الدهنية، وبالتالي ارتفاع مستوى الكوليسترول والترايجليسيرايدز بالدم، ويصبح المريض أكثر عرضة بمقدار الضعف لتصلُّب الشرايين والذبحة الصدرية وضعف الدورة الدموية في الأطراف وشرايين المخ، والترايجليسيرايدز هو نوع من الدهون، قادم من مصادر حيوانية ونباتية، تكمن خطورته لدى مرضى السكر تحديدًا حيث يرتفع مستواه بتناول السكر الأبيض متسبِّبًا في نفس أضرار ارتفاع الكوليسترول.
وفي داخل المرارة نجد العصارة المرارية تتكوَّن من الكوليسترول والأحماض المرارية ومن دهون فسفورية ثلاثية، وأي خلل في توازن المواد الثلاث كازدياد تركيز الكوليسترول في المرارة أو انخفاض نسبة المركبين الآخرين يؤدي إلى ترسب الكوليسترول على هيئة حصوات بالمرارة، لكن ذلك لا علاقة له بكوليسترول الدم، بمعنى أن الإفراط في تناول الدهون لا يؤدي إلى تكون حصوات مرارية، لكن الأبحاث أثبتت أن زيادة وزن الجسم نتيجة ارتفاع الكوليسترول مع عوامل الخطر الأخرى يساعد على تكوين الحصوات.
إن الإفراط في تناول الدهون يسهم في تنشيط نمو الخلايا السرطانية ووفقًا لبعض الدراسات فإنها تنشط الإصابة بسرطان القولون، بل إن بعض الأحماض الدهنية تسبِّب تسممًا للجسم يحفز نمو الخلايا السرطانية كحمض الأيروسيك الموجود في زيت بذور اللفت وحمض سيكلوبروتين الموجود في زيت بذور القطن، وهناك رأي طبي يشير إلى أن كثرة تناول الدهون تزيد من إفراز العصارة المرارية التي تهضم الدهون وتمتصُّها، وأن هذه الأحماض المفرزة تعمل كمنشطات سرطانية، كذلك حمض اللينولينيك الموجود في الدهون متعددة اللاتشبع كما في زيت الذرة وعباد الشمس يحفز الخلايا السرطانية، بينما تخلو منه الزيوت النباتية أحادية التشبع كزيت الزيتون وزيوت السمك، ما يجعلها أفضل وأكثر صحية.
الفكرة من كتاب خطر يهدِّد صحتنا اسمه ارتفاع الكوليسترول
كثيرًا ما ننجرف وراء التغيرات الحادثة في طريقة تعايشنا مع عالمنا الآخذ في النمو، ثم يأسرنا الانبهار بمتطلبات الحياة العصرية، فترانا منهمكين في مواكبة ما تعجُّ به الحياة من سرعة وازدحام وضيق في الوقت وسعي مستمر نحو المال لتحقيق الرفاهية وكنز الأملاك وإشباع الرغبات الدنيوية، هذا النمط المعيشي يترتَّب عليه المزيد من الضغط والتوتر، إضافةً إلى سلوكيات يومية تستهلك صحة الفرد بتدمير عاداته الغذائية السليمة، فترى الناس كبارًا وصغارًا على حدٍّ سواء يميلون إلى الأعمال المريحة الخالية من المجهود البدني، واختصارًا للوقت تراهم مفرطين في تناول اللحوم أو الأطعمة سريعة التحضير المشبعة بالدهون الضارة والسعرات الحرارية، ما قادنا لخلق مجتمع مليء بالأمراض، يتزامن معه ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين والذبحات الصدرية، بين فئات صغيرة يفترض تمتعها باللياقة والصحة، وهذا مؤشر خطر يؤرقنا.
السبب الرئيس لمثل تلك الأمراض ناتج عن سلوكيات غربية دخيلة وعادات خاطئة فرضتها الحياة المعاصرة هو ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وهذا هو مضمون كتابنا الموجود ضمن سلسلة الدكتور أيمن الحسيني المتحدثة عن الأمراض المتفشية في مجتمعاتنا بلهجة تحذيرية صادقة، جاء فيه تعريف شامل بالكوليسترول والفرق بين أنواع الدهون المختلفة، والغذاء المسموح والطعام الممنوع، ثم إجابات وافية لأكثر الأسئلة ورودًا في هذا الشأن.
مؤلف كتاب خطر يهدِّد صحتنا اسمه ارتفاع الكوليسترول
أيمن الحسيني: كاتب مصري وطبيب استشاري الأمراض الباطنة وخبير التغذية والأعشاب، مختصٌّ في مجال الطب الحيوي، وله العديد من المؤلفات المبسطة في مختلف مجالات الطب والصحة العامة والطب البديل، نذكر منها: “دليل الأسرة في الإسعافات المنزلية”، و”الثوم الساحر.. دواء طبيعي في مواجهة أمراض العصر”، و”هل تعاني من ألم الظهر؟”، و”عزيزي مريض الروماتيزم”.