جنايات الكوليسترول
جنايات الكوليسترول
أما بعد أن وضحنا ما للكوليسترول من فوائد تجعله سلاحًا ذا حدين، وأشرنا إلى نوعيه السيئ والجيد، فآن لنا توضيح لِمَ يهابه الجميع؟ ولم يحرص الأطباء على فحص مستواه في الدم وتنظيم نسبه؟ هل هو المتهم الوحيد أم أنه مظلوم في جميع الأحوال؟ وسنختصُّ في هذا الجزء بالكوليسترول الضار أي منخفض الكثافة.
إن أخذنا عينة دم لشخص مصاب سنجد جزيئات الكوليسترول شبيهة بالإبر الحادة، هذا الشكل المدبَّب الحاد يساعدها بشكل أساسي على الالتصاق بجدار الشريان الداخلي وتضييقه ومن ثم إفقاده مرونته، وتتسبَّب تلك الحالة في إصابة الشرايين التاجية الثلاثة المغذية لعضلة القلب، ما يمنعها من إيصال الدم الكافي للعضلة عند بذل مجهود عضلي، وبالتالي الإصابة بالذبحة الصدرية أو قصور الشريان التاجي، وقد يتطوَّر الأمر إلى جلطة دموية نتيجة تراكم خلايا الدم عند الأجزاء الضيقة من الشريان فتتوقَّف تغذية القلب وقد تهدِّد بالوفاة على الفور، فضلًا عن خطر الإصابة بأمراض أخرى كحصيات المرارة والبدانة وبعض أنواع السرطان، وفي إحصائية بريطانية سابقة وجدنا أن نحو 34 ألف رجل من فئة ما قبل التقاعد يموتون يوميًّا بسبب تصلُّب الشرايين والذبحة الصدرية التي تعدُّ المسبب الأول للوفاة في بريطانيا بنسبة 50% من إجمالي الوفيات.
عادةً لا يتم اتهام الكوليسترول وحده كسبب في الإصابة بالأمراض وبخاصةٍ تصلُّب الشرايين وإن كان على رأس القائمة لأن هناك عوامل أخرى تتحكَّم في عملية الترسُّب كفرط التدخين ومرض السكر إن أهمله المريض وارتفاع ضغط الدم والاستعداد الوراثي والضغط النفسي والخمول المرافق لقلة الحركة والنشاط البدني، كذلك فإن الرجال أكثر عرضة من النساء قبل سن اليأس، أما بعده (سن من 45 إلى 55 عامًا) فإن فرص الإصابة متساوية لدى الجنسين، بالإضافة إلى بعض الأمراض كالنقرس وضعف نشاط الغدة الدرقية (المكسيديما).
الفكرة من كتاب خطر يهدِّد صحتنا اسمه ارتفاع الكوليسترول
كثيرًا ما ننجرف وراء التغيرات الحادثة في طريقة تعايشنا مع عالمنا الآخذ في النمو، ثم يأسرنا الانبهار بمتطلبات الحياة العصرية، فترانا منهمكين في مواكبة ما تعجُّ به الحياة من سرعة وازدحام وضيق في الوقت وسعي مستمر نحو المال لتحقيق الرفاهية وكنز الأملاك وإشباع الرغبات الدنيوية، هذا النمط المعيشي يترتَّب عليه المزيد من الضغط والتوتر، إضافةً إلى سلوكيات يومية تستهلك صحة الفرد بتدمير عاداته الغذائية السليمة، فترى الناس كبارًا وصغارًا على حدٍّ سواء يميلون إلى الأعمال المريحة الخالية من المجهود البدني، واختصارًا للوقت تراهم مفرطين في تناول اللحوم أو الأطعمة سريعة التحضير المشبعة بالدهون الضارة والسعرات الحرارية، ما قادنا لخلق مجتمع مليء بالأمراض، يتزامن معه ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين والذبحات الصدرية، بين فئات صغيرة يفترض تمتعها باللياقة والصحة، وهذا مؤشر خطر يؤرقنا.
السبب الرئيس لمثل تلك الأمراض ناتج عن سلوكيات غربية دخيلة وعادات خاطئة فرضتها الحياة المعاصرة هو ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وهذا هو مضمون كتابنا الموجود ضمن سلسلة الدكتور أيمن الحسيني المتحدثة عن الأمراض المتفشية في مجتمعاتنا بلهجة تحذيرية صادقة، جاء فيه تعريف شامل بالكوليسترول والفرق بين أنواع الدهون المختلفة، والغذاء المسموح والطعام الممنوع، ثم إجابات وافية لأكثر الأسئلة ورودًا في هذا الشأن.
مؤلف كتاب خطر يهدِّد صحتنا اسمه ارتفاع الكوليسترول
أيمن الحسيني: كاتب مصري وطبيب استشاري الأمراض الباطنة وخبير التغذية والأعشاب، مختصٌّ في مجال الطب الحيوي، وله العديد من المؤلفات المبسطة في مختلف مجالات الطب والصحة العامة والطب البديل، نذكر منها: “دليل الأسرة في الإسعافات المنزلية”، و”الثوم الساحر.. دواء طبيعي في مواجهة أمراض العصر”، و”هل تعاني من ألم الظهر؟”، و”عزيزي مريض الروماتيزم”.