ليسوا مسؤولين عنَّا
ليسوا مسؤولين عنَّا
من ضمن المشاعر المُسببة للغضب التعاسة ودور الضحية اللذان قد يسيطر بهما الآباء على الأبناء، فيكون هدف الآباء جعل أبنائهم يشعرون شعورًا سيئًا، لأنهم لم يقوموا بما يريدونه منهم، فيشعر الابن وكأنه المسؤول عن ألم والديه، وذلك لأن معظم الأبناء يحبون أهليهم، ويرغبون دومًا في إدخال السرور عليهم، ومن ثم حين يبدأ الوالدان بإيصال جرحهما وتعاستهما لابنهما وكأنه السبب في تلك التعاسة، يبدأ هنا الولد بحمل عبء تعاسة والديه.
فمثلًا لو الأم كانت “مُطلَّقة” وجُرحت بسبب زوجها، وبذلت جهدها مع طفلها، ولكنه في يوم الأيام فعل شيئًا خاطئًا، تبدأ الأم بقول عبارات مثل “بعد كل ما قمت به من أجلك”، “أيها الجاحد الناكر للجميل”، فهذه الطريقة خلط بين التربية الصحيحة والجراح الشخصية، ويجب أن نفرق من أن تحكي الأم لابنها عن تجربتها من باب المشاركة والقُرب، وبين أن تحكي له ليشعر بالذنب تجاه نفسه، لذلك أجمل الأشياء التي قد نُهديها لأطفالنا أن نشعرهم أننا سُعداء، لأننا بذلك نُخلِّصهم من عبء المسؤولية.
أما حين يخطئ الأولاد فيجب أن نتَّخذ موقفًا، ويكون ذلك بإبلاغهم أننا نخاف عليهم، وأننا متضايقون لأنهم يتوَّجهون إلى ذلك الطريق، وأننا نتوَّقع منهم سلوكًا مختلفًا، وبجانب ذلك نحاول تجنُّب الأحاديث المنتشرة بين الآباء عن كون هذا الجيل ضائعًا، أو أنهم غير مُهذَّبين، أو أننا يجب ألا نثق بهم، وذلك لأن تلك الأحاديث تُفقد ثقة الأب بأطفاله الذين رباهم هو، وتجعله دومًا في شك من أمرهم.
والآن تمريننا في تلك الفقرة -عزيزي القارئ- هو أن تتذكَّر مشهدًا لك مع طفلك، وتسأل ماذا حدث تحديدًا، وهل كنت تشعر أنك تريد أن يتألم ولدك من أجلك؟ ثم تسأل نفسك: كم من الألم كان يمكن توفيره وحمله عن الطفل لو أبلغته فقط بما كان يُضايقني؟
الفكرة من كتاب عادة الغضب في تربية الأولاد
إن طاقة الغضب ليست طاقة أولية، بل هي تابعة، لها أسبابها ودوافعها الخاصَّة والمشاعر التي شعر بها الفرد فأدت إلى غضبه، وقد تكون تلك المشاعر أو الدوافع غير معلومة أو غير مُدركة، فيبدأ الإنسان في لوم نفسه وهو لا يدري سبب غضبه تحديدًا، وتظهر جدًّا “صورة الغضب” بين أولياء الأمور والأبناء، لكن سرعان ما يندم الآباء على ردِّ الفعل الذي صدر منهم.
يعدُّ كتاب “عادة الغضب في تربية الأولاد” ضمن سلسلة من الكتب التي كتبها المؤلف عن الغضب، سواء في العلاقات أو بين الأسرة، فيقدِّم لنا الطريقة التي يجب أن ننظر إليها في غضبنا على الأولاد، وذلك عن طريق تمارين تساعدنا على فهم وتغيير سلوكياتنا، لذا يُفضل أن نبدأ رحلتنا مع هذا الملخص بقلمٍ ومُفكِّرة صغيرة.
مؤلف كتاب عادة الغضب في تربية الأولاد
كارل سيميلروث Carl Semmelroth: عالم نفسي أمريكي الجنسية، حصل على الدكتوراه في علم النفس من جامعة ميشيغان في عام 1969م، فدرَّس نظريات في العلاج النفسي وعلم نفس النمو لفصول الدراسات العليا في جامعات مختلفة، كما عمل في المستشفيات والمصحَّات النفسية، وحصل على جائزة “Civie” عام 2004 لجهوده في نشر الوعي للتعامل مع الغضب، أيضًا عمل خبيرًا في تربية الأطفال على موقع Child.com للإجابة عن الأسئلة والاستفسارات.
من أهم مؤلفاته:
The Anger Habit
Angels in Ann Arbor
The Compassion Switch
معلومات عن المُترجمة
فاطمة عصام صبري: ترجمت عددًا من الكُتب في المجالات المختلفة، ولها عدد من المقالات، ومن الكتب التي ترجمتها: “كيف تتحدث فيصغي الصغار إليك وتصغي إليهم عندما يتحدثون”، و”قدرة التفكير السلبي” و”بناء الثقة في مجال الأعمال والسياسة والعلاقات والحياة”.