سجل الأنواع
سجل الأنواع
يغطي اللون الأسود الغراب آكل الجيف كليًّا، لكنه يعطي بريقًا باللون البنفسجي أو الأخضر تحت الضوء، ويعيش في أوروبا الغربية وكوريا واليابان، أما الغراب ذو القلنسوة فنهاية رقبته ونهاية صدره مغطيان بلون رمادي باهت، وينتشر في أقصى الشمال ومنطقة المتوسط وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، وعلى الرغم من اختلاف نطاقات معيشتهما الجغرافية، فإنهما يتزاوجان عندما تتقاطع مساراتهما.
يجد العلماء الغراب الأمريكي مقاربًا لآكل الجيف في لونه وحجمه، بل يميل الكثيرون لاعتبارهما نوعًا واحدًا لولا أن النطاق الجغرافي يمنع هذا الاعتبار لاستيطان الأمريكي الولايات المتحدة وكندا، أي لا وجود له خارج نطاق أمريكا الشمالية، فلكي تنتمي الحيوانات إلى النوع نفسه يجب أن يكون التزاوج بينها عاديًّا ومعتادا، إلا أن المحيط يفصل بينهما، وكذلك غراب الغداف المنتشر في شمال أوروبا ويمتد شرقًا إلى اليابان فيتشابه مع آكل الجيف أيضًا، لكن وجهه مميز بمساحات خشنة وباهتة حول منقاره وعينيه.
يوجد الغراب العادي في نصف الأرض الشمالي وشمال الصحراء الأفريقية، ولا تتم مشاهدته بكثرة لكنه يُميَّز بسهولة، فهو أطول الغربان وله منقار ثقيل وصوت عميق ويطير بنمط الرفرفة والانزلاق بشكل متناوب، أما غراب الزيتون فهو أصغر الأنواع بحيث لا يخلط أحد بينه وبين غيره ويشيع وجوده في أوروبا وغرب آسيا ويمتاز بعينيه الفضيتين ونعيقه المتكرر مع صوت تضارب أجنحته مما أكسبه صيتًا بميله إلى الأذى.
الفكرة من كتاب الغراب.. التاريخ الطبيعي والثقافي
اختلف الواصفون من شعراء وعلماء وكهنة ورسامين في توصيف الغراب، أي أن كل اتجاه يميل إلى إظهار جانب مختلف من جوانب هذا الطائر العتيق، فالعالِم يراه بنظرة تشريحية تدرس وظائفه الحيوية وخصائصه التصنيفية التي تضعه في سلالات ومسميات تحدد رتبته ضمن باقي الكائنات الحية، والفنان يهتم برسم لوحات تبين الثنيات والألوان بتفاصيل جمالية، فضلًا عن تضمينه في كثير من الأمثال الشعبية ذات الدلالات والحكم المتوارثة جيلًا بعد جيل.
أما العوام من الناس فتروج بينهم النظرة التشاؤمية المرهونة برؤية هذا الطائر، وهكذا فإن الأساطير المحكية والتقاليد والتاريخ وحتى القصص الدينية المتواترة والكتب المقدسة جميعها تحوي حديثًا متنوعًا عن الغربان، ويختلف كل منهم في ذكر صفاته ووصف وجه مميز يغيب في منظور الوصف الآخر، لكنهم يجتمعون معًا لخلق صورة واحدة تنتهي برسم لوحة متكاملة عن الكائن الغامض ذي الريش الأسود والمنقار المدبَّب.
ومن هنا يهدف هذا الكتاب إلى الحديث عن سلوكه الحيواني وتوضيح ما له في التاريخ الطبيعي والثقافي من جميع الاتجاهات كالشعر والأدب والفنون، حتى يتيح لنا الإلمام بكل ما لهذا المخلوق من حديث يعيننا على فهم ما يدور حوله من ألغاز علمية، إضافةً إلى إدراك ما يمثله في الثقافات المختلفة، ويعد أرسطو أول المتحدثين عن الحيوان بشكل علمي، وذلك في كتابه “تاريخ الحيوان”، الذي تحدث فيه عن الغربان واصفًا أشكالها وخصائصها، وقد ذكر في مدة رعايتها واهتمامها بأبنائها أنها طويلة مقارنةً مع باقي الطيور.
مؤلف كتاب الغراب.. التاريخ الطبيعي والثقافي
الدكتور بوريا ساكس Boria Sax كاتب أمريكي من مواليد المملكة المتحدة في عام 1949، حاصل على الدكتوراه في التاريخ الألماني والفكري من جامعة ولاية نيويورك في بوفالو، ومحاضر الأدب في كلية ميرسي في دوبوس فيري بنيويورك، وله العديد من الكتب التي تبحث تداخل علم الحيوان بأساطير الشعوب القديمة، نذكر من تلك المؤلفات: “حديقة الحيوان الأسطورية”، و”الثعبان والبجعة”، إضافة إلى كتب أخرى مثل: “التراث الرومانسي للماركسية”.