أين عقلك؟
أين عقلك؟
إذًا ما الحل؟ هل هناك نهاية لذلك الأمر؟ لا ونعم؛ فهذا القلق أصبح من الأمور التي لا مناص منها ويجب أن نتأقلم مع وجوده، بل إنها مهمة في كونها تحقِّق لنا الأمان النفسي بمجرد الوصول إلى أهدافنا في بعض الأوقات، لكن يوجد عدد من الوسائل التي من الممكن أن تساعدنا على الحد من آثار ذلك القلق، ومن أهم تلك الوسائل استخدام التفكير المنطقي في تقييم الذات.
فمع الحاجة إلى التقييم يجب على الشخص الوقوف أمام تلك القيم المجتمعية الحاكمة على النحو التالي: المجتمع يقول إنني فاشل إذًا أنا فاشل، المجتمع يقول إنني ناجح إذًا أنا ناجح، وقامت الفلسفة بإضافة عنصر جديد في المنتصف بين المدخلات والمخرجات، وهذا العنصر هو العقل، ويقصد أنه كصندوق تقييم للآراء يعتمد على الحدس والإدراك، وتدخل الأحكام الصادرة من المجتمع على الشخص فيقوم بعدها بإدخال تلك الآراء الصندوق، فإن كانت الآراء المجتمعية يقبلها الصندوق ترسل إلى الذات، وإذا ما كانت التصورات المجتمعية خاطئة، يقول المؤلف: “تلفظ دونما أذى إلى الغلاف الجوي، حيث تتبعثر وتتبدَّد مشيَّعة بضحكة أو هزَّة منكبين”.
ينبغي التفريق بين إدخال العقل في تقييم آراء المجتمع وبين دور المجتمع بالأساس في تقييمنا لأنفسنا، فليس معنى أننا نحاول الحد من التأثير السلبي للأحكام المجتمعية الخاطئة أننا بالتالي نهمل الدور الذي يقوم به ذلك التقييم، فكما قلنا من قبل أن ذلك يساعد على إعطائنا الحب والاهتمام الذي نسعى للحصول عليه.
لكن ماذا يحدث إذا ما صدمنا بعد فرز الآراء المجتمعية حولنا بأن معظمها خاطئة، وهو ما يدفعنا إلى الحزن والتحرر في نفس الوقت، فمع اتجاه الجمهور في معظم الأوقات إلى أحكام لا عقلانية وعاطفية يبرز منها الخطأ بشكل كبير، فسوف يغدو الشخص لامباليًا بشكل أو بآخر تجاه الرأي العام؛ فبعد معرفة عقولهم أصبح الشخص المحب للاهتمام لا يكترث بآراء هذه العقول، ورغم أن تلك النظرة قد تحرمنا من أشكال كثيرة للحياة الاجتماعية؛ كونها ستعمل على تقليل تفاعلاتنا مع الآخرين، إلا أن الكثيرين تقبَّلوا ذلك الأمر بفلسفة تشاؤمية في إذعان ورضا.
الفكرة من كتاب قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا والمهانة
يناقش الكتاب أسباب سعي الأفراد نحو مكانة أعلى وما يستتبعه ذلك من ثروات ورفاهة وراحة أكبر، مفترضًا بذلك أنه وهم مأمول لا يساعدك على الصفاء النفسي، وإنما يساعد على زيادة القلق من خسارة المكانة المكتسبة والمتطلَّع إليها، ما يجعل حياة الفرد بلا معنى، كما يناقش الوسائل الممكنة لمحاولة الحد من تلك الآثار السلبية للقلق لينزل بك إلى أرض الواقع مرة أخرى.
مؤلف كتاب قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا والمهانة
آلان دو بوتون: فيلسوف وكاتب بريطاني من أصل سويسري، حاصل على درجات جامعية مختلفة في الفلسفة والتاريخ والفن، وله عدد كبير من المؤلفات تصل إلى 15 مؤلَّفًا تتنوَّع ما بين الكتب الفلسفية والمتعلقة بالتاريخ والفنون، ومنها ما هو متعلِّق بأنماط التديُّن والدين، وقد بدأ الكتابة من عام 1997 بكتاب “كيف لبروست أن يغير حياتك”، ومن أشهر كتبه المترجمة إلى العربية كتاب “عزاءات الفلسفة” المنشور عام 2000، وقد ألَّف آخر كتاب عام 2016، وهو كتاب “دورة الحب”.
معلومات عن المترجم
محمد عبد النبي: كاتب ومترجم مصري، وله عدد من الروايات والترجمات التي حصلت على جوائز متعدِّدة، ومن أبرز رواياته “في غرفة العنكبوت”، ومن أبرز ترجماته إضافة إلى هذا الكتاب هو كتاب “كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج” لأليس مونرو.