أمثال وحكم
أمثال وحكم
الطوبعة: هي عملية ربط المفاهيم الإنسانية بمكونات الطبيعة، وهذا الأمر ينطبق على القصص والأساطير المحكية التي تدمج بين القيم والمصطلحات البشرية وبين سلوكيات العناصر في البيئة، وتعتبر البيئة هنا المعيار المستخدم في الحكم على الأمور، والصورة المثالية لما يجب أن تكون عليه الأشياء، ولتوضيح ذلك نأخذ قول كي ريجرز كمثال: “أطعم الغراب ما تشاء لكنه لن يتحول أبدًا إلى صقر”، يرمز الكلام السابق إلى عدة تفسيرات منها اختلاف سلوكيات كل فرد عن الآخر مهما ادَّعى أو حاول إظهار غير ذلك، فالطبع يغلب التطبُّع، لذا سيكون حمقًا أن نكلف شخصًا أو ننتظر منه تصرفًا يتنافى مع حقيقته، وهذه قيم وحقائق حياتية واضحة تم تمثيلها باستخدام عناصر في الطبيعة معلومة السلوك لا خلاف على رمزيتها.
وهناك قصص أخرى ذات حكم مثِّلت بالحيوانات، كقصة الديك الرومي الذي ينقم عيشته ويتطلَّع إلى معيشة الصقر الواقف على قفاز الفارس، لذا يتعهَّد الديك بأكل لحم مولاه حينما يترقَّى لأخذ مكان الصقر، لكن ذلك لا يحدث حتى عندما يطير الصقر ليقتل فريسته، فإنه مكانه يظل خاليًا حتى يعود فيتلقَّى الثناء، والرسالة هنا تعد قاعدة مهمة في معاملاتنا وتحجيم العلاقات، وإعطاء كل مستحق قدره بلا مبالغة ولا تنقيص، وقد قالت في ذلك الكاتبة: “دع كل فرد يستمر في عمله، ولكن لا تدعه يعلو فوق المكانة التي يستحق”، ومن القصة السابقة يمكننا ملاحظة التشابه الكبير بين صفات الصقر وصفات النبلاء من ترفُّع وانشغال بالذات، ويفسِّر هذا سبب استخدام الصقور تحديدًا في الخرافات المجسِّدة للمواريث الاجتماعية الإنسانية والأخلاقيات السامية.
وعمومًا فقد ساد فكر قديم وبخاصةٍ في القارة العجوز أن عالم الإنسان وعالم الطيور يتشابهان وبينهما كثير من الأنظمة المشتركة والتماثل الأخلاقي، باعتبار الإنسان على رأس المخلوقات والجوارح تتربَّع قمة عالم الطيور، وبالتالي فإن درجات النبل تظهر جلية في تلك المجموعة وتتراوح بين أنواع الصقور المختلفة، وتشير أسطورة لتشوماش إلى أن الحيوانات ملكت الأرض قبل أن يرثها الإنسان، فكان النسر الذهبي هو رئيسهم، والصقر تويش هو ابن أخيه.
الفكرة من كتاب الصقر
كتاب الصقر هو واحد من مجموعة كتب جمعتها سلسلة تتناول الحيوانات بشكل مفصَّل، أي إنه دراسة لكل ما يتعلق بالصقور من منظور تاريخي ومجتمعي وحتى رمزية استخدامه في السياسة وعبر الأزمان، فلطالما ارتبطت الصقور في أذهاننا بالصلادة والقوة كعلامة لا تستغني عنها الجيوش أو حتى المحاربين منذ عصور مضت، علاوة على كونها رمزًا للنبل والملوكية عند بعض الشعوب كأوروبا مثلًا، وقد اتخذ البعض من صيدها هواية لعلية القوم، وآخرون امتهنوا تدريبها وبيعها بهدف الاسترزاق، هذه الأنشطة تحاربها قوانين منظمات البيئة في الوقت الحالي لما سبَّبته من تهديدات بانقراض أنواع كاملة.
ولأجل حب البشر وتعلُّقهم بالصقور لم تغفل الكاتبة الحديث عن كينونة هذا الكائن جميل الشكل مهاب الهيئة عند الشعوب والثقافات ودوره في تراث الأمم ومعتقداتها وبخاصةٍ في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي، وكيف استحال ذلك مادة خصبة لنسج القصص والأساطير التي تداخلت مع الأدب والفنون.
مؤلف كتاب الصقر
هيلين ماكدونالد: عالمة الطبيعة وكاتبة وشاعرة ومؤرخة ورسامة من مواليد عام 1970م في المملكة المتحدة، عملت زميلة أبحاث في كلية جيسوس ، وفي أبحاث الطيور الجارحة وتدريب الصقور “صقارة” ومشاريع الحفاظ على البيئة في جميع أنحاء أوراسيا، وهي عضو في قسم التاريخ وفلسفة العلوم بجامعة كامبريدج، كما سبَق لها العمل في عدد من منظَّمات حماية الصقور في بريطانيا والإمارات العربية المتحدة، لها من الأعمال:
H is for Hawk
Vesper Flights
Recovery: Vintage Minis
Through the Wire
Etruscan Reader I