نشأة الزهراء ومواقفها كزوجة
نشأة الزهراء ومواقفها كزوجة
إنها فاطمة الزهراء بنت رسول الله ﷺ أمها السيدة خديجة بنت خويلد سيدة نساء قريش، وُلِدَت قبل النبوة بخمس سنوات، وهي أصغر بناته ﷺ تعلَّمت ما لم تتعلَّمه طفلة غيرها في مكة؛ تعلمت آيات القرآن، ونشأت نشأة جد واعتكاف، نشأة وقار واكتفاء، عندما بلغت مبلغ الفتيات طلب خطبتها أبوبكر وعمر، وردَّهما رسول الله ﷺ لصغرها، فقال عمر (رضي الله عنه) لعلي: “أنت لها يا علي”، فقال: “ما لي شيء إلا درعي أرهنها”، فزوَّجَه رسول الله فاطمة.
فلما بلغ ذلك فاطمة بكت، ودخل عليها رسول الله فقال: “مالك تبكين يا فاطمة! فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علمًا وأفضلهم حلمًا وأولهم سلمًا”، وبالطبع كان بكاؤها فرحًا، وتزوَّجها علي بن أبي طالب في السنة الثانية من الهجرة، وهي في الثامنة عشرة في أرجح الأقوال، وهو أكبر منها ببضع سنوات، ودعا لهما رسول الله ﷺ فسعدا بالذرية من البنين والبنات، وولدت له زينب وأم كلثوم والحسن والحسين والمحسن الذي مات وهو صغير.
ولا تخلو حياة آدمي تمامًا من ساعات خلاف أو ساعات شكاية، فربما شكت فاطمة وربما شكا علي كأي زوجين، وكان ﷺ يتولى صلحهما في أي خلاف، ومرة من هذه المرات بلغ العتاب بينهما غاية ما يبلغه بين الزوجين من الخصومة عندما سمعت السيدة فاطمة أن عليًّا يهمُّ بالزواج من بنت هشام بن المغيرة، فذهبت إلى أبيها باكية تقول: “يزعمون أنك لا تغضب لبناتك” وقد عرف ما تقصد لأن بني هشام بن المغيرة قد استأذنوا في تزويج أختهم لعلي، فصعد رسول الله ﷺ المنبر والغضب يظهر على وجهه وقال: ألا إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم عليًّا، ألا وإني لا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلِّق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها”.
الفكرة من كتاب فاطمة الزهراء والفاطميون
يتناول هذا الكتاب سيرة سيدة سليلة شرف لا تنازعها فيه واحدة من بنات حواء، سيدة أخذت مكانها الرفيع بين أعلام النساء على مر التاريخ، وهي السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله ﷺ، ويعرِّفنا العقاد بها ابنةً وزوجةً للخليفة وأمًّا للشهداء، ويطالعنا على أبرز محطات حياتها ومواقفها عن قرب منذ النشأة حتى الوفاة، ويعرفنا تاريخ الدولة الفاطمية والعلاقة بينها وبين الإسماعيليين والعباسيين منذ بداية الدولة الفاطمية حتى نهايتها وأبرز أحداثها الفارقة.
مؤلف كتاب فاطمة الزهراء والفاطميون
عباس العقاد: كاتب ومفكر ومؤرخ مصري، وُلِد بأسوان عام 1889، لُقِّب بالعقاد نسبة إلى جده الذي كان يعمل بأحد مصانع الحرير، ولم يحصل من الشهادات إلا على التعليم الابتدائي، ولكن ظهر نبوغه في مجالات مختلفة بسبب عكوفه على القراءة والتثقيف الذاتي، فكان يكتب في السياسة والفلسفة والأدب والنقد والشعر وتراجم الأعلام ومشاهير الفكر.
وقد نال عضوية مجمع اللغة العربية، وكان عُضْوًا مُراسِلًا للمجمع ببغداد ودمشق، كما منحته جامعة القاهرة الدكتوراه الفخرية، ولكنه رفضها مثل جائزة الدولة التقديرية، وأسَّس مع المازني وعبد الرحمن شكري مدرسة “الديوان”، ومن أشهر مؤلفاته: سيرته الذاتية “أنا” وسلسلة “العبقريات” و”ساعات بين الكتب” وغيرها، وله رواية واحدة فقط بين كل مؤلفاته وهي “سارة”.