مأدبة أفلاطون
مأدبة أفلاطون
بدأ “فيدروس” كلامه عن الحب واصفًا إيَّاه بالقدرة على دفع الإنسان نحو التفوق، وبالتالي فهو جميل وصالح بالنسبة للإنسان، ثم بيَّن باوسانياس -وهو ثاني المتكلمين في المأدبة- صفات الحب بأنه قد يدفع الإنسان إلى فعل أفعال شريرة بقدر ما يمكن أن يدفع الإنسان نحو فعل أفعال خيِّرة، فهو يقسِّم الحب إلى نوعين: حب صالح على درجة عالية من السمو متعلق “بالروح”، وبالتالي يعد حبًّا حقيقيًّا كونه متعلقًا بالفضائل، وحب آخر رديء متعلق “بالجسد” حيث الغريزة التي نتقاسمها مع الحيوانات؛ ثم دخل “أغاثون” في الحوار الدائر وأدلى بدلوه واصفًا الحب “بالكمال”، ما أثار جدلًا بينه وبين “سقراط”، فقام سقراط بالرد على ذلك، إذ يقول: إن نسبة كل أنواع العظمة والمجد إلى الحب، سواء كانت تنتمي إليه حقًّا أم لا، دون اعتبار للحق والباطل، هو وصف دقيق لكلمة هراء!
وأخذ سقراط يوضح ماهية الحب، فيرى أن الحب يشتمل على الرغبة، والإنسان لا يرغب إلا في الأشياء التي لا يملكها أو يفقدها، ما يعني -حسب سقراط- أن الحب يتجه دائمًا نحو الأشياء التي لا يملكها الإنسان، أو إلى ما يرغب فيه؛ وإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يرغب فيما يملكه بالفعل، فإنه قد يرغب فيه إذا كان يريد استمراره إلى اللحظة التالية، فإذا كنت تحب شخصًا ما فإنك ترغب فيه، ونتيجة تلك الرغبة فإنك ستحاول أن تظفر به، وإذا ظفرت به، فإنك ستحاول أن تحافظ على الرغبة والمتعة مستمرة، وذلك من خلال تحديد مدة استمرارهما، فإن كانت خلال مدة ما، فستزول الرغبة والمتعة بحلول تلك المدة، وإذا قررت أن تظل إلى الممات فستظل الرغبة والمتعة مستمرتين معك حتى النهاية.
الفكرة من كتاب الحب مقدمة وجيزة
الحب هو ذلك الشعور الذي دفع الكثيرين نحو الجنون، ولأجله مات العديد من الناس، وبسببه قُتِلَ بعضهم؛ ربما غمرتك أيها القارئ سعادة الحب الغامرة، أو أصابتك سهامه المؤلمة مرة أو أكثر، فهو شعور يشعر به الجميع ويعتقدون أنهم يفهمونه، ولكن ما إن تسأل أحدهم عن مفهوم الحب؟ أو تسأل الشخص الذي يحبك: لماذا تحبني؟ وما دوافع حبك وأسبابه؟ فإنه يجيبك بتلعثم وبكلماتٍ لا تكاد تكون مفهومة أو موغلة في الخيال، وكأنه يتحسَّس موضع أقدامه في طريقٍ وعر؛ ومن هنا جاء هذا الكتاب في محاولة منه للوقوف على الحب الحقيقي والآخر الزائف، والبحث في دوافع الحب وأسبابه، فهل نحب حقًّا من أجل ما في المحبوب من محاسن الجمال ومكارم الأخلاق والخصال الحميدة، أم أنه متعلق بشخص المحبوب؟
مؤلف كتاب الحب مقدمة وجيزة
رونالد دي سوزا Ronald de Sousa، هو فيلسوف كندي، وأكاديمي يعمل في جامعة تورنتو الكندية، له العديد من الكتب، ترجم منها إلى اللغة العربية كتاب واحد هو الكتاب الذي بين أيدينا.