الحب بين الذاتية والموضوعية
الحب بين الذاتية والموضوعية
الحب هو أن تقوم باختيار شخص واحد من بين جميع البشر بوصفه شخصًا متفرِّدًا ومميزًا لا يمكن استبداله أو إحلال شخص آخر مكانه، نتيجة الاعتقاد بأن الدور الذي سيؤديه ذلك الشخص لن يستطيع أي شخص آخر أن يقوم به، وبالتالي تعدَّدت أشكال الحب وتنوَّعت تبعًا لتعدُّد وتنوُّع أساليب اختيار المحب للمحبوب، فقد يكون الحب موضوعيًّا وليس ذاتيًّا محضًا، فقد يكون حبك للشخص (س) راجعًا إلى أنه في مرحلة الطفولة كان هناك شخص ما اعتنى بك، وعندما رأيت الشخص (س) وجدت تشابهًا بينه وبين الشخص الذي اعتنى بك في مرحلة الطفولة، لذا وجدت نفسك مدفوعًا نحو حبه، وبالتالي يكون الحب هنا موضوعيًّا أكثر من كونه ذاتيًّا.
عادةً، يرغب المُحب في أن يكون محبوبًا لذاته، يريد أن يكون محبوبًا لكونه هو، كما تريد أنت أن تكون محبوبًا بسبب مَن تكون، وبالتالي فإن الأسباب التي قد يعرضها روميو لحبه جولييت -كما يرى رونالد- ليست بالضرورة الأسباب عينها التي يجب أن تختارها جولييت كي تكون محبوبة من جانب روميو، وأيًّا كانت أسباب حب روميو لجولييت، فإنه يمكن العثور على نساء أخريات يتشابهن مع جولييت في نفس الخِصال والصفات، بل قد يتفوَّقن عليها؛ فإن كان سبب حب روميو لجولييت هو الجمال، فإننا نستطيع أن نجد نساء يماثلن جولييت في هذا الجمال، بل ويفقنها في هذا الجمال؛ وبالتالي إذا كان معيار الحب هو الجمال، فيجب على روميو أن يحب هؤلاء النسوة مثلما أحب جولييت لأنهن يشاركنها في السبب -أو المعيار الموضوعي- أو يتفوَّقن عليها، بل وسيتلاشى حب روميو لجولييت تدريجيًّا مع تقدم جولييت في العمر حيث يخفت جمالها، وبالتالي سيتوقَّف حب روميو لجولييت في النهاية، إذا كان هناك سبب لهذا الحب!
الفكرة من كتاب الحب مقدمة وجيزة
الحب هو ذلك الشعور الذي دفع الكثيرين نحو الجنون، ولأجله مات العديد من الناس، وبسببه قُتِلَ بعضهم؛ ربما غمرتك أيها القارئ سعادة الحب الغامرة، أو أصابتك سهامه المؤلمة مرة أو أكثر، فهو شعور يشعر به الجميع ويعتقدون أنهم يفهمونه، ولكن ما إن تسأل أحدهم عن مفهوم الحب؟ أو تسأل الشخص الذي يحبك: لماذا تحبني؟ وما دوافع حبك وأسبابه؟ فإنه يجيبك بتلعثم وبكلماتٍ لا تكاد تكون مفهومة أو موغلة في الخيال، وكأنه يتحسَّس موضع أقدامه في طريقٍ وعر؛ ومن هنا جاء هذا الكتاب في محاولة منه للوقوف على الحب الحقيقي والآخر الزائف، والبحث في دوافع الحب وأسبابه، فهل نحب حقًّا من أجل ما في المحبوب من محاسن الجمال ومكارم الأخلاق والخصال الحميدة، أم أنه متعلق بشخص المحبوب؟
مؤلف كتاب الحب مقدمة وجيزة
رونالد دي سوزا Ronald de Sousa، هو فيلسوف كندي، وأكاديمي يعمل في جامعة تورنتو الكندية، له العديد من الكتب، ترجم منها إلى اللغة العربية كتاب واحد هو الكتاب الذي بين أيدينا.