فلسطين عشية العهد العثماني
فلسطين عشية العهد العثماني
كانت فلسطين مجتمعًا زراعيًّا ريفيًّا، يتكتل معظم سكانه في النصف الشمالي من البلاد حيث الأراضي الزراعية الخصبة تاركين النصف الجنوبي شبه الصحراوي لنحو 10% من السكان البدو، وكان غالبية السكان يعملون بالزراعة، وكانت حياتهم تتمحور حول الأرض وزراعتها ولم تكن حينها قد ظهرت بعد فكرة ملكية الأراضي؛ بمعنى أن الأرض لم تكن بعد سلعة تُمتلك، وإنما كانت مشاعًا بين الناس، ونظام المشاع هذا كانت له خصائص، أولاها أن الحق في استعمال أراضي القرية مشترك لجميع أفراد القرية، وثانيتها أن كل حصة لها مساحة متساوية من الأرض المشتركة المزروعة، وثالثتها أن الأراضي الصالحة للزراعة كان يعاد توزيعها دوريًّا -بالقرعة عادة- حسب عدد الحصص التي يمتلكها كل فرد له حق الحيازة.
أما عن قسمة المشاع فقد كانت الأرض تُقسم بين جميع أفراد القرية، باعتبارها حقًّا جماعيًّا لا فرديًّا، وكانت مسؤولية التقسيم تقع على عاتق ما يسمى بـ”مجلس الاختيارية” وليس شيخ القرية وحده، والمجلس هذا يعبر عن التركيب الاجتماعي للقرية، حيث إنه يتكوَّن من وجهاء وممثلي العائلات التي تحتويها القرية. وكان التقسيم يتم بالقرعة، حيث يعطى الفلاح قطعة أرض تتناسب وعدد الأفدنة التي ينوي زراعتها، والقاعدة كانت أن يمنح فدان واحد من الأرض لكل محراث يجرُّه زوجان من الثيران، أي إن الفلاح الذي يملك زوجين من الثيران يعطى فدانين، وكان التقسيم يتم كل فترة زمنية معينة تتراوح بين سنة وخمس سنوات، وتنتهي حقوق الفلاح في التصرُّف في الأرض حال انقضاء فترة القسمة.
الفكرة من كتاب الجذور الاجتماعية للنكبة: فلسطين 1858-1948
يناقش هذا الكتاب واحدة من أهم القضايا المتعلقة بالمسألة الفلسطينية والتي روَّج لها على نحو متعمد ليخدم نظرة معينة إلى القضية الفلسطينية ويضلِّل أعين الشعوب عن الحقيقة، ألا وهي قضية الأرض وكيف سيطر اليهود على الأراضي الفلسطينية، ومدى صحة المقولة التي تم الترويج لها القائلة إن الفلسطينيين هم من باعوا أراضيهم لليهود!
ويعرض الدكتور أكرم حجازي التطورات التي لحقت بالأرض وسبل التعامل معها وطرق تفاعل المجتمع معها منذ العهد العثماني والتغيرات المهمة التي لحقتها بعد قانون الطابو، وكيف فتح الطريق أمام الرأسمالية الغربية واليهودية لتدخل فلسطين، وأخيرًا الدور الجوهري والرئيس للاحتلال البريطاني الذي مزَّق البناء الاجتماعي والاقتصادي وهيَّأ كل السبل الممكنة لتحقيق وعد بلفور ببناء وطن قومي لليهود في فلسطين.
مؤلف كتاب الجذور الاجتماعية للنكبة: فلسطين 1858-1948
د. أكرم حجازي: كاتبٌ وباحثُ، وأستاذٌ جامعي سابق، حاصل على إجازة في الصحافة وعلوم الاتصال، وحاصل على الدكتوراه من جامعة تونس الأولى في علم الاجتماع، وهو مؤسس ومدير موقع المراقب للدراسات والأبحاث الاجتماعية.
له مؤلفات أخرى هي: “دراسات في السلفية الجهادية”، و”مرابط النظام الدولي”.