المسجد الأقصى
المسجد الأقصى
في يومٍ حزين على المسلمين كافتهم دخل الصليبيون واحتلوا الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين في شهر رمضان عام 492 هجريًّا دون مقاومة كبيرة من المسلمين، وللأسف أغلق المسلمون عليهم أبوابهم من خليفة بغداد وخليفة القاهرة، منشغلين بالخرافات وغيرها تاركين بيت الله المُقدَّس يُدنَّس بأيدي المُحتلين الصليبيين غير عابئين بأرض الله المُقدسة ومسرى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ومن نسي الله نسيه، فكذلك فعل المسلمون في القدس، ولم يتوقف الصليبيون عن أفعالهم الشنيعة ببلاد المسلمين، بل واصلوا حتى بلاد أنطاكية ثم معرَّة النعمان، وقتلوا فيها كبيرهم وصغيرهم، وأسكتوا صوت المآذن وكانوا يطؤون بأقدامهم على جُثث القتلى، وقتلوا في القدس ما يُقارب سبعين ألفًا من سُكانها، وهاجموا بخيلهم المسجد الأقصى وسرقوا القناديل من الذهب والنفائس التي كانت بالمسجد، وتركوا حاشيتهم محتلين الأرض ليذهبوا إلى أراضٍ غيرها ليحتلُّوا وينهبوا ويقتلوا أصحابها.
فذهبوا إلى خليفة مصر الفاطمي صاحب بيت المقدس لكنهم وجدوه خاضعًا لوزيره، وهذا الوزير خائن، فأرسلوا إلى خليفة بغداد لكنه كان محبوسًا في قصره لا حول له ولا قوة في شيء، فتركوا وراءهم هذين الخليفتين، والتفتوا لعلَّ أحد الشجعان المسلمين يخرج منهم فوجدوا (صلاح الدين بن نجم الدين أيوب)، وكان صاحب سيرة طيبة وحافلة بالشجاعة والذكاء وكان مفتاحه تعظيم شرع الله والامتثال لأوامر الله ونواهيه، ولا يخاف إلا الله (عز وجل)، فقيل عنه إنه لم يفتُه صلاة ولا صيام إلا وقضاه، والزكاة لم يجمع نصابها في حياته، وبحث في كل رقعة لبلاد المسلمين عن محاربين يشاركونه في إعادة الأقصى، فتخيَّر أصدقهم وأحكمهم وأحفظهم للسر من كل صوب ومجال، واستطاع هدم العار الذي لحق بالمسلمين وهزم الصليبيين، وفي يوم الجمعة 27 من شهر رجب عام 583 هجريًّا دخل المسلمون مُكبِّرين، وأُنزِل الصليب الأكبر وأُعيدت المآذن، وأُقيمت أول جمعة بعد تدنيس الصليبيين للمسجد وخطب القاضي محيي الدين بن الزكي خطبة الفتح، وهنأ المسلمون بعضهم وصلاح الدين بعودة الأرض المسلوبة.
الفكرة من كتاب حدث في رمضان
لله نفحات في أيامه وأُمِرنا كمسلمين أن نسأل الله فيها القبول والأعمال الصالحة، ومن أجلِّ أيامِ الله على المسلمين شهر رمضان، فهو شهر المُعجزة التي حلَّت على البشرية حين أُنزل وحي الله (القرآن) على خير خلق الله سيدنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهو شهر القرآن كما قال الله (عز وجل): ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَاسِ وَبَيِنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾، فشهر رمضان شهد أحداثًا عديدة من نزول القرآن وفتوحات للمسلمين وبركات، فلياليه شاهدة على نبي الله وصُحبته وعلى تاريخ عظيم للمسلمين من وقت نزول الوحي حتى وفاة النبي وبعده، والكاتب هنا (رحمه الله) في كتابه يأخذنا برحلة تاريخية شائقة حول أهم أحداث دارت في شهر رمضان المبارك لنعايشها بعقولنا وقلوبنا.
مؤلف كتاب حدث في رمضان
عبد الرحمن رأفت الباشا: أديب سوري تخرَّج في أقدم مدرسة شرعية رسمية في سوريا، وتلقَّى دراسته الجامعية في القاهرة؛ حيث نال الشهادة العالية لكلية أصول الدين في الأزهر، وشهادة الليسانس أيضًا في الأدب العربي من كلية الآداب، ثم درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة القاهرة، وتُوفِّي في إسطنبول عام 1986م.
وله عدة مؤلفات مهمة منها: “صور من حياة الصحابة”، و”صور من حياة التابعين”، و”العدوان على العربية عدوان على الإسلام”، و”لغة المستقبل”، و”صور من حياة الصحابيات”.