الإنسان خليفة
الإنسان خليفة
بعض الناس يعيشون من أجل المتعة فقط، أي أن الحياة بالنسبة لهم ليست وسيلة للاستعداد للوجهة الكبرى وهي الآخرة، وإنما تمثِّل لهم الحياة الغاية الكبرى نفسها، فلا يأبهون بما قد يأتي بعد ذلك، وطالما لم تفهم الغرض الصحيح من وجودك، فستكون كل الأفعال غير مسؤولة لأن الحياة ستكون لك عديمة النفع، والبعض الآخر يفكِّر في الحياة على أنها رحلة قبل الموت فتراه يغتنم كل لحظة، ويعلم أن ما يفوت لا يمكن إرجاعه، وهنا تجده حَذرًا تجاه قضاء الوقت في غير ما ينفعه في الرحلة القادمة بعد الموت، وفي الحقيقة أن الحياة ستصبح بلا معنى لو فكرنا أنها ستنتهي بقدوم الموت، لذلك كان من حكمة الله أن جعلها طريقًا لحياة ثانية أطول؛ فالإنسان حينما يشعر أن حياته بلا معنى ولا هدف منها سيفقد قدرته على أداء أي شيء، ولن يصبح هناك جدوى للخير والشر والمشاعر والضمير.
الإنسان خليفة الله في الأرض، خلقه الله ليعمرها، ويتعارف مع الناس ويتعايش مع الاختلاف، ويختبر المشاعر الجميلة والقاسية التي تمثِّل كبد الحياة، ومعنى التعارف أن تتعامل مع غيرك، وأن يتعامل غيرك معك، إذن سيكون من معاني الحياة: كيف يواجه بعضنا بعضًا؟ وكيف نعيش بضمير يتناسب مع الأمانة التي أعطانا الله إياها، وفي هذه الرحلة قد يخطئ الإنسان وقد يصيب، وعندما يخطئ أو يفشل سيصاب بالألم النفسي، ولكنه علامة على أنك حي، تشعر بالحياة وتؤدي المطلوب فيها، والمشكلة هي ألا تشعر بالألم، لأنه دليل اكتساب دروس جديدة من الحياة.
وبما أن الحياة معناها التعامل مع الآخرين بأخلاق وضمير، فسيكون علينا معرفة كيفية التعامل الصحيح، وكيفية التغلُّب على الصفات السيئة التي تكون أصل كل الشرور.
الفكرة من كتاب كيف تصبح عظيمًا؟
قبل سؤال كيف تصبح عظيمًا؟ الأهم هو ما معنى العظمة؟ هل تقتصر على أن تُحدِث تغييرًا كبيرًا في الحياة؟ هل الشعارات التي تناديك أن تترك أثرًا في الحياة قبل أن تتركها، شعارات تنفعك أم تضرك؟ وما ذنب من خلقهم الله بقدرات متواضعة؟ هل سيفقدون جانب التميز؟ فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: “ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا بلى، قال: كل ضعيف متضعِّف، لو أقسم على الله لأبرَّه”،
وهذا ليس تقليلًا من شأن المتميزين، ولكنه تعظيم من شأن الضعيف، والحقيقة أن أكثرنا من الضعفاء لله، وقليل منا أعطاهم الله مميزات لينفعوا بها البشر.
وهذا الكتاب يعطينا أضواءً بسيطة للطريقة التي نكسب بها الحياة، ويكون كلٌّ منا عظيمًا بما أعطاه الله من مميزات، فيتحدث عن طريقة مواجهة الحياة، وكيفية فهم الناس، وكيف نحصل على مفاتيح النجاح.
مؤلف كتاب كيف تصبح عظيمًا؟
عادل صادق عبدالله عامر، هو طبيب نفسي مصري ولد في التاسع من أكتوبر 1943، حصل على دكتوراه في الأمراض العصبية والنفسية، وحصل على زمالة الكلية الملكية بلندن، وزمالة الجمعية الأمريكية للطب النفسي، شغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب، رأس تحرير مجلة الجديد في الطب النفسي، وكتب العديد من المقالات لصحيفة الأهرام.
وتوفي في 14 سبتمبر 2004، عن عمر يناهز الستين، بعد أن ترك لنا إرثًا من روائع كتاباته، فله أربعة كتب باللغة الإنجليزية، وثلاثين كتابًا باللغة العربية، منها: “العشق”، و”كيف تصبح عظيما؟”، و”الغيرة والخيانة”، و”متاعب الزواج”، و”كيف تنجح في الحياة؟”، و”الألم النفسي والألم العضوي”، و”الطلاق ليس حلًّا”، و”مباريات سيكولوجية”، و”أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي”.