معالجة العلاقات
معالجة العلاقات
تتحدَّد معاني الإشارات غير المنطوقة بالظروف المحيطة وباختلاف طبيعة العلاقات بين الأفراد، وفي هذا السياق يذكر الكتاب عددًا من أمثلة العلاقات ويطبِّق عليها، كعلاقة الوالدين بطفلهما، والعشاق، والغرباء، والمسيطر والخاضع، والبائع والمشتري، ففي حالة الوالدين بابنهما ترتبط الأم بالأخص شعوريًّا مع طفلها بما يجعلها تدرك معاني إشاراته قبل أن يملك القدرة حتى على الكلام، فيلاحظ العلماء قدرتها على تمييز حاجته من صوت بكائه أو بكلمة أو إشارة واحدة منه، وفي مرحلة متقدِّمة كالمراهقة تستطيع إدراك ما يجول في بال ابنها واستنباط حالته النفسية، وبشكل شائع فإن الأبناء يعانون صعوبة بالغة في إتقان الكذب على آبائهم، وغالبًا ما يكونون عرضة للكشف، وللآباء وسائلهم في كشف الحقيقة نظرًا إلى إدراكهم المتقن لطبيعة إشارات أطفالهم في أحوالهم الطبيعية، ومن تلك الإشارات المرصودة: التأتأة، ووضع اليد على الحنجرة أو الأنف، وحك الرأس أو الرقبة، والنظر إلى أسفل وتجنُّب الاتصال المباشر، وهز الأكتاف، وترطيب الشفاه، وابتلاع الريق بشكل متكرر.
يلائم الحب بعض الناس لكنه لا يتناسب مع آخرين، لذا تختلف مخرجات المشاعر ولا تتشابه، وبمراقبة تفاصيل المرتبطين في حفل ما، وتختلف إشارات المتزوجين عن المرتبطين دون زواج، فالأول تميل المرأة فيه للوقوف مع امرأة مثلها بينما يفضل المرتبطون دون زواج أن يكونوا معًا مع ترابط جسدي كإمساك الأيدي، وهو إشارة الجسد إلى الملكية، وبتطبيق مثال الحفل على مجموعة من الناس يقول الكتاب إن الأشخاص المتعارفين يميلون إلى إيجاد سبب يمنعهم من اللقاء، أما الغرباء فيحتاجون سببًا للتعرُّف، وما يمنعهم هو لغة الجسد الصادرة من الطرف الآخر، والتي تحدِّد رغبته في التواصل من عدمها، ويلاحظ في المدن المزدحمة مثل نيويورك وطوكيو عدم وجود الوقت لدى سكانها للتبسُّم للجميع فيترجم الزائر الجديد لغة جسد السكان على أنها عدوان وتجاهل وينفر من المكان، لكن تثبت الدراسات تعاون أفراد هذه المدن واستجابتهم لمساعدة الغرباء، وذلك عكس ما تشير إليه لغة أجسادهم المرهونة بطبيعة مدنهم المزدحمة، بينما في المناطق غير المكتظَّة تظهر دلائل الكرم بين الناس والغرباء، وتميل لغة أجسادهم إلى الابتسام والتودُّد.
الفكرة من كتاب كيف تقرأ شخصًا مثل الكتاب
شاع مفهوم لغة الجسد مؤخرًا بين الأوساط العامة، فحين الحديث عنه يتبادر إلى الذهن عدد من التساؤلات، مثل: هل يمكننا قراءة ما يكون عليه الناس والكشف عن حقيقتهم؟ أنستطيع إيصال صورة أفضل عن أنفسنا دون إكثار في الكلام؟
الإجابة تكمن في مادة كاملة يندرج جزء منها تحت الفراسة، وجزء آخر تحت علم يختص بقراءة وتحليل وتفسير بعض الإشارات الثابتة التي تصدر من جسم الإنسان بنمط متكرر لا يختلف كثيرًا باختلاف الأشخاص، تلك الإشارات لا تقال بالكلام ولا بالتعبير الصريح، إنما تصدر كانعكاس مباشر للأفكار والمشاعر والمعتقدات سواء كان ذلك بشكل إرادي يقصد الشخص إيصاله إلى الجمهور الذي يقابله أو كان بصورة لا إرادية من العقل اللاواعي، لذا تسمَّى هذه الإيحاءات بالاتصال غير اللفظي، ويعدُّ فهمها عملية معقدة تحتاج من الصبر والمراقبة والدراسة المستمرة ما تحتاجه اللغات كي يتم تعلمها وإتقانها.
يعتمد تحليل الإشارات غير اللفظية على دراسة المظاهر الصادرة عن الشخص أثناء الحديث، ووفقًا للكتاب فقد صُنِّفَت طرق تعبير الجسد إلى خمسة مكونات عامة هي: الاتصال البصري، وتعابير الوجه، ونمط الحركة، وهيئة الوقوف، والملامسة الناتجة عن مصافحة الأيدي، ويؤخذ في الاعتبار أنه لا يمكن الوصول إلى استنتاجات مباشرة وسريعة للآخرين من خلال الاقتصار على رؤية تعابير وجوههم أو طريقة المصافحة أو كيفية السير، دون التعرُّض العميق للإشارات اللفظية ومراقبة الصورة ككل.
مؤلف كتاب كيف تقرأ شخصًا مثل الكتاب
جيرارد نيرنبرج: محامٍ أمريكي وخبير استراتيجيات التفاوض والاتصال، ولد عام 1923، وعمل في تأليف الكتب المتخصصة بفنون التفاوض والتواصل وتقنيات البيع الفعالة، حيث بلغ عددها اثنين وعشرين كتابًا ترجم أكثرها إلى اثنتين وثلاثين لغة حول العالم، كما أسس معهدًا غير ربحي يهدف إلى ترسيخ أفكاره عن التفاوض وتأثيره في حياة المجتمع، لذا أطلقت عليه مجلة فوربس لقب: “رائد تدريب التفاوض”.
هنري إتش. كاليرو، مؤلف مشارك، له العديد من المؤلفات ذات التقييمات المرتفعة، نذكر منها: قوة التواصل غير اللفظي، والفوز بالمفاوضات، وتفاوض على الصفقة التي تريدها.
جابرييل جرايسون، مؤلف مشارك في كتابة عدد من الكتب مرتفعة المبيعات، من إنجازاته كتاب: “تحدث بيديك واستمع بعينيك”.
وقد شارك الكُتَّاب الثلاثة خبراتهم وخلاصة علمهم في تأليف هذا العمل الحائز على لقب “الكتاب الأكثر مبيعًا” في مجال تحليل لغة الجسد.