بناء الإنسان والأمة
بناء الإنسان والأمة
أعظم غاية جاء رمضان كي يغرسها في نفوس العباد هي تعظيم شعائر الله، فلم يأتِ الشهر الكريم كي يمنعنا الطعام والشراب فقط وإنما جاء لتحقيق الأهداف العظمى، فجاء ليعظِّم الله المُشرِّع (سبحانه وتعالى)، وتعظيم شعائره وإقامته على خير وجه، وتلبية أوامره والانتهاء عما نهى سبحانه عنه، فجاء الشهر يدعونا لتحقيق التقوى “لَعَلَكُمْ تَتَقُونَ”، وذلك بملء الأوقات بالطاعات والعبادات، وتهيئة العبد لإصلاح نفسه، وخوض معترك الحياة كما ينبغي عليه، فيكون عنصرًا فاعلًا في مجتمعه، ويعلمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حقيقة مرافقة التقوى للصيام، كما جاء في الحديث الشريف: “مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْل فَلَيْسَ لِلَهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ”، فتحصيل التقوى يُعيد بناء الإنسان على مراد الله منه، فلا يكون كصائم لم يكن له حظ من صيامه إلا الجوع والعطش، والتقوى هي دعوة كي يصوم الإنسان ظاهرًا وباطنًا، فتصوم جميع جوارحه معه، ويصير الإنسان قائمًا بحق ربه قد علم الغاية من خلقه.
إن شهر رمضان يُذكرك أيضًا بأهمية وحدة الأمة ووحدة أفرادها، فتراقب مشاهد الاجتماع في الإفطار والسحور، ووحدة الصفوف في التراويح والقيام، فتنبعث في نفسك معاني العزة جميعها وتستشعر بركات الجماعة والتآلف بين الناس، وترى في الجموع روح الانتماء التي تُذكِّرك بقول الله تعالى: ﴿إِنَ هَٰذِهِ أُمَتُكُمْ أُمَةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.
إن الفرد إنما هو جزء من الجماعة، ويجب عليه أن يعلم أهمية دوره في وحدة أمة الإسلام، فمراقبته للجموع في رمضان هي وقوده كي يجاهد في إحياء صور الوحدة في شتى الميادين، وينحِّي ما استطاع كل خلاف بينه وبين أهله ورحمه وقرابته وزملائه، فيمتدُّ به أثر الوحدة، ويكون هو بأخلاقه دعامة من دعائم المجتمع الإسلامي القويم، فالجماعة في رمضان تعلِّمنا التعاون وتعلِّمنا المشاركة بالمشاريع المفيدة في بناء الأمة الإسلامية.
الفكرة من كتاب رمضان يبني القيم
إن شهر رمضان الكريم يجب أن يرجع إلى أصله، ويتحوَّل من مناسبة دينية متأثرة بالعادات المجتمعية؛ إلى معسكر مكثَّف يبني فيه المسلم قيمه وحياته ويُصافح أُمنياته، ويستدرك فيها ما فاته، رمضان مدرسة تُربَّى فيها روح المسلم على القيم وتتخرَّج فيها أجيال راسخة قد تشكَّلت تصوُّراتها وتغيَّرت مفاهيمها وأفكارها، وأدركت الغاية من خلقها، أجيال قادرة على بناء مجتمع مسلم متزن وناجح ومبارك.
مؤلف كتاب رمضان يبني القيم
مشعل عبد العزيز الفلاحي: ماجستير شريعة وطالب في مرحلة الدكتوراه بجامعة مكة المكرمة المفتوحة، ويعمل مشرفًا تربويًّا، ومديرًا تنفيذيًّا لمشروع القيم النبوية بإدارة التربية والتعليم، وأمين جمعية البر الخيرية “بوادي” من سنة تأسيسها 1422هـ إلى تاريخه، وهو أيضًا عضو مجلس إدارة مكتب الدعوة وتوعية الجاليات بوادي حلي، ونائب رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بحلي.
من أهم أعماله: “مشروع العمر”، و”أفكار تصنع الحياة”، و”في ظلال السيرة النبوية”، و”رمضان يبني القيم”، و”صناعة التغيير الشخصي”، وغيرها.