منازل الترقي
منازل الترقي
والآن بعد أن تحلَّيت بالعبودية واخترتها ومارستها أيَرِدُ منك خطأ أو تقع في معصية وذنب! بل ذلك أصلك وطبعك وطبع آبائك وأجدادك وما خُلقت إلا لتعبد فتخطئ فتتوب فيُغفر لك، ثم تخطئ فتتوب فيُغفر لك وهكذا، ولذا فإن للإنابة والتوبة بعد الوقوع في الخطأ والزلل جمال آخر، جمال العائد الواصل نفسه بسيده، بل جمال من السيد سبحانه أن أتاح ومنح عبده وألهمه ويسَّر له أسباب العودة وطرقها ثم يفرح به ويتقبَّل منه ويتوب عليه!
فالتوبة استغفار، بل الاستغفار بابها ومفتاحها، ولذلك قال سبحانه: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾، والتوبة تسبيح وتنزيه للملك أن يشاركه أو يشابهه أحد في صفة أو أمر، والتوبة دعاء وإقرار بالذنب وشعور بالذلة والافتقار إلى الله سبحانه، والتوبة معرفة بالله سبحانه، استمع لهذا الحديث القدسي بقلبك لا بأذنك: “يابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي”، فما قيمة ذنبك الآن أمام قوله “لا أبالي”! هل ما زلت تفكر في العودة؟!
أنصحك بالعودة سريعًا فما زالت هناك منازل أخرى تنتظرك أن ترتقي فيها، وتحتاج منك إلى توازن واستواء، ألا وهي منزلة الخوف والرجاء، إذ إن الأصل في علاقة العباد بربهم هو الرجاء، والخوف في عقيدة الإسلام ليس خوفًا مرضيًّا أو مُحبطًا وإنما هو خوف نبض القلب الراجي رحمة ربه، فإن ضبط خوفه من غير قنوط ورجاءه من غير غرور ترقَّى في معرفة ربه حتى بلغ منزلة المحبة، وما أدراك ما منزلة المحبة!
الفكرة من كتاب جمالية الدين.. معارج القلب إلى حياة الروح
“عندما نقول هنا (جمالية الدين) فإننا نعني أن الله (جل وعلا) الذي جعل الدين جميلًا، قصد أن يكون التدين جميلًا أيضًا، قصدًا تشريعيًّا أصيلًا، بمعنى أن ذلك قُصد منه ابتداءً وليس صدفة واتفاقًا”!
من وجهة نظر مختلفة وبلهجة لطيفة رقيقة يفتح الكاتب قلوبنا لا أنظارنا لتبصر وتنشرح بأصل هذا الدين ومقصوده وغايته، لتخرج من قراءته لا كما دخلت إليه وتود أنه لم ينتهِ!
مؤلف كتاب جمالية الدين.. معارج القلب إلى حياة الروح
فريد الأنصاري: عالم دين وأديب مغربي، حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصُّص أصول الفقه، وعمل رئيسًا لقسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، كما شغل منصب عضو في المجلس العلمي الأعلى بالمغرب.
ومن مؤلفاته:
آخر الفرسان.
ديوان المواجيد.
سيماء المرأة في الإسلام.
الدين هو الصلاة والسجود لله باب الفرج.