الدين والجمال
الدين والجمال
في زمن تُلقَّن فيه المعاني بالصوت والصورة وتُقدَّم مقولبة جاهزة لتمثِّل مع الوقت النموذج الأوحد والأصح للمعنى حتى يُحال صنمًا مقدسًا بعد حين!
لقد شُوه الجمال في هذا الزمان كمعنى في أعين الناس وإن لم يشوِّه بالمعنى المتبادر للذهن فقد شُوِّهت أصالته وأصله وأصبح مزيفًا مصطنعًا حتى طال الدين فلم يسلم منه، فتشوَّه أصل الجمال فيه الذي هو مقصد الشارع منه ابتداءً أن يتزين ويتجمل العبيد بدينهم عقيدة وخلافة وعمارة للأرض، لا أن يتقيََّدوا به أو يحزنوا أو يُضيَّق عليهم.
إن مفهوم الجمالية في الدين ليس مفهومًا ثانويًّا فيه أو منثورًا بين ثناياه كما قد يظن البعض، وإنما هو مفهوم مبثوث في الأصول والفروع في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وأصل الجمالية الدينية الحقيقية إنما يكون في الإيمان المنعقد عليه القلب الممتلئ به المستنير بنوره ثم هو المضيء لما حوله إن ترقَّى العبد في معارجه متجملًا بأفعال الإيمان وأقواله، فإن كان العبد كذلك زاد الدين جمالًا إلى جماله الأصلي.
إن ما يقع للناس اليوم من تعرَّض للفتن والبلاءات العامة والخاصة، وما يحدث للكوادر والحركات الإسلامية حاد بنظر الكثيرين عن ما في هذا الدين من تيسير وتبشير وحسن، إلى اليأس والإحباط والعجز والقعود، وهذا صنف من الناس، أما عن الصنف الآخر فقد حاد بهم إلى التصوُّف والخرافة!
ولَفت نظر الناس إلى ما في هذا الدين من جمال ليس ضرورة أو حادثًا جديدًا على المعاصرين وإنما سبقهم إليه ابن القيم والحسن البصري والإمام المحاسبي ونحوهم ممن تنبَّه إلى صور الجمال في ممارسة الدين في الإسلام وحال الأمة من حاجتها إلى من يُذكر بهذه المعاني ويُعيد الناس إلى فطرتهم السوية النقية ويصحِّح مفهوم التدين لديهم.
الفكرة من كتاب جمالية الدين.. معارج القلب إلى حياة الروح
“عندما نقول هنا (جمالية الدين) فإننا نعني أن الله (جل وعلا) الذي جعل الدين جميلًا، قصد أن يكون التدين جميلًا أيضًا، قصدًا تشريعيًّا أصيلًا، بمعنى أن ذلك قُصد منه ابتداءً وليس صدفة واتفاقًا”!
من وجهة نظر مختلفة وبلهجة لطيفة رقيقة يفتح الكاتب قلوبنا لا أنظارنا لتبصر وتنشرح بأصل هذا الدين ومقصوده وغايته، لتخرج من قراءته لا كما دخلت إليه وتود أنه لم ينتهِ!
مؤلف كتاب جمالية الدين.. معارج القلب إلى حياة الروح
فريد الأنصاري: عالم دين وأديب مغربي، حصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصُّص أصول الفقه، وعمل رئيسًا لقسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، كما شغل منصب عضو في المجلس العلمي الأعلى بالمغرب.
ومن مؤلفاته:
آخر الفرسان.
ديوان المواجيد.
سيماء المرأة في الإسلام.
الدين هو الصلاة والسجود لله باب الفرج.