المادة أساس الوجود
المادة أساس الوجود
من أعمدة الفلسفة المادية القول إن المادة أساس الوجود، وهي ينبوع الحقائق، فالمادة عندهم هي أقدم الموجودات، بالإضافة إلى كونها مستقلة في الوجود عن وعي الإنسان وإدراكاته، وبناء على ذلك يكون الفكر والإحساس والروح من ثمار المادة ومنتجاتها.
ونقض قولهم إن المادة أساس الوجود بأنه مجرد زعم لا دليل أو برهان عليه، وبالتالي لا تستطيع الماركسية أن تلزم به أحدًا من العقلاء، أما عن قولهم إن الفكر والروح والإحساس من ثمار المادة ومنتجاتها، فدليلهم مبني على أن (الحركة + حرارة = حياة)؛ ويقول البوطي في نقد ذلك القول، إنه ليس من شك في أن الحركة والحرارة من أبرز خصائص الحياة، لكن خواص الشيء ليست تعبيرًا عن جوهر الشيء ذاته، فالماء في حالة الغليان يتصف بالحركة والحرارة، لكن جوهر الماء شيء آخر غير الحركة والحرارة، وبناء على ذلك نقر أن من خواص الحياة الحركة والحرارة، أما جوهر الحياة ذاتها فشيء آخر غيرهما.
بالإضافة إلى أن المادة لو كانت هي ينبوع الروح والفكر والإحساس، وأنها من ثمار المادة ومنتجاتها، لوجب أن يكون الإنسان قد فهم وأدرك من الروح وأسرارها، بمقدار ما أدرك من المادة، لأن العقل إذا أدرك أصل الشيء -وهي المادة- كان أيسر وأسهل له أن يدرك منتجاته وثماره، وهي الروح والفكر والإحساس، لكن الواقع يقول لنا إنهم يقرون بأنهم لا يعلمون شيئًا عن الروح، كما يؤكدون أن العلم لا يستطيع كشف سرها أو يقول شيئًا عنها.
الفكرة من كتاب نقض أوهام المادية الجدلية (الديالكتيكية)
تكمن خطورة المادية الجدلية -مثلما يرى البوطي- في انبهار ذوي الثقافة المحدودة بها وانجذابهم إليها بعيدًا عن مقتضى العقل ورقابته الموضوعية الواعية، فدُعاة الشيوعية يقدِّمونها للناس على أنها واقع الكون والحياة الإنسانية الذي لا سبيل إلا الخضوع لها، والعلاج من هذا الانبهار والانجذاب إلى تلك الفلسفة يكمن في الرجوع إلى الفكر والعقل، فمن خلال العقل والمنطق الموضوعي سنجد أن المادية الديالكتيكية تتعارض بشكلٍ فجٍّ مع حقائق ووقائع التاريخ، كما أنها تخالف في كثير منها مقتضى العقل، بالإضافة إلى تعارضها مع العلم.
مؤلف كتاب نقض أوهام المادية الجدلية (الديالكتيكية)
الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي: عالم سوري، وأحد علماء الإسلام الأفذاذ، له عشرات الكتب في علوم الشريعة، والآداب والتصوُّف والفلسفة والاجتماع، كما أن له كتبًا في نقد الإلحاد والفلسفات المادية، ومن مؤلفاته: “كبرى اليقينيات الكونية”، و”اللامذهبية أخطر بدعة تهدِّد الشريعة الإسلامية”، و”حرية الإنسان في ظلِّ عبوديته لله”.